الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 25 يناير 2017 - 27 ربيع الثاني 1438هـ

سكرات الموت، وتلاقي الأرواح

السؤال:

1- كيف نجمع بين ما ورد من سهولة خروج روح المؤمن، مثل حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- وفيه قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، عَلَيْهِ السَّلامُ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني). وبين ما عاناه النبي -صلى الله عليه وسلم- من شدة السكرات وهو خير مَن آمن، وكذلك قول السلف من أن خروج الروح أشد من ضربات السيف؟!

2- كيف نجمع بين أن الميت لا يسمع ولا يعرف ما يجري في الدنيا حوله؛ لأنه إما مُنعَّم أو معذب فهو في شغل، وبين قول حضرتك مِن أن الأرواح تتقابل، وتعرف من بعضها ما جرى لأهلها في الدنيا؟

3- أرجو بيان ما يعلمه الميت ويعرفه ويسمعه، وما لا سبيل إليه في علمه أو سماعه؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- ما لاقاه النبي -صلى الله عليه وسلم- والصالحون هو قبْل الموت "أي في السكرات"، وأما لحظة الموت وخروج الروح؛ فهي كما تسيل القطرة مِن فِي السقاء.

2- قال الله -تعالى-: (وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (فاطر:22)، أي الكافر، شبههم بالأموات في عدم السماع، لكن هذا لا ينفي أن يعلم بعضهم بعض ما قد حدث في الدنيا عند لقاء الأرواح مع روح المؤمن الصاعدة إليهم كما ثبت ذلك في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا حُضِرَ الْمُؤْمِنُ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ، وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ، حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ: مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي جَاءَتْكُمْ مِنَ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيْهِ، فَيَسْأَلُونَهُ: مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ؟ مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ؟ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا، فَإِذَا قَالَ: أَمَا أَتَاكُمْ؟ قَالُوا: ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا احْتُضِرَ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْكِ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ، حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ الأَرْضِ، فَيَقُولُونَ: مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني).

3- الأصل عدم السماع إلا ما ثبت به الدليل: "كالسلام للمؤمن - والتبكيت للكافر - وما يخبرهم به المؤمن الصاعدة روحه بعد موته".