الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 13 ديسمبر 2012 - 29 محرم 1434هـ

الرد على من يقول: "تطبيق الشريعة وهم والمجتمع غير مستعد للتغيير!"

السؤال:

ما قول فضيلتكم فيما يردده البعض من أن جماعة الإخوان غير جادين في تطبيق الشريعة، وأن  السلفيين عاجزين وغير مستعدين لاتخاذ مواقف حادة للضغط من أجل تطبيقها، وموضوع التدرج مجرد كلام فاضي للضحك على الناس؛ لأنه أصلاً لا يوجد تصور ولا مشروع واقعي ولا خطط مدروسة لتطبيق الشريعة ولتغيير الوضع الحالي في الاقتصاد مثلاً والقضاء والسياحة؟

وأن المجتمع حاليًا لن يتغير وليس مستعد للتغيير في اتجاه تطبيق الشريعة وكلها شعارات، وأن الحل يكمن في نشر التقدم العلمي ومحاربة الفقر والجهل ورفع الظلم عن الناس، وغير ذلك من الأهداف التي تتفق فيها كل الأطراف المخلصة لمصلحة الوطن حتى لو كانت ليبرالية أو يسارية أو إسلامية لا فرق بينهم إلا في الكفاءة فقط؟ وقد تكون تلك القوي أفضل من الإسلاميين في الكفاءة وفي أسبقية دعوتهم ومشاركتهم في الثورة.

فهل بالفعل تطبيق الشريعة أمر بعيد المنال هذه الأيام؟ وهل يستوي -والحال كذلك- الإسلاميون وغيرهم ما عدا في الكفاءة فقط؟ وهل سيبقي الوضع كما هو في قضية تطبيق الشريعة؟ إذن فلا فرق بين دعم حزب إسلامي وآخر عالماني طالما لن يغير أحدهما من واقع الشريعة شيئًا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلا يجوز لنا إساءة الظن والحكم على مقاصد أناس في المستقبل، ومواد تقنين الشريعة قد وضعت منذ أكثر من ثلاثين سنة فهي موجودة بالفعل وليست أنه لا يوجد مشروع واقعي، ولكن التدرج يبدأ بعمل مجتمعي لإعداد الكفاءات في جميع المجالات، ومن ضمنها القضاء؛ ولهذا نقول: إن التدرج ليس كلامًا فارغًا، بل هو سنة شرعية مبنية على القدرة والعجز، وعلى المصلحة والمفسدة.

وقول من يقول: إن المجتمع لن يتغير! عجب من قائله وتأل على الله، فهو يقول: "لن يهدي الله الناس -والعياذ بالله- فهو والله على خطر عظيم"، وأخشى عليه من اتهام الآخرين بأنهم يقولون كلامهم مجرد شعارات؛ فهلا شققتم عن قلوبنا وقلوب الناس؟!

وأما محاربة الفقر والجهل والظلم فواجب بلا نزاع، ولكن كيف ذلك إلا بالالتزام بالحلال واجتناب الحرام، وأما أنه لا فرق بين الإسلاميين والليبراليين واليساريين؛ فكلام باطل لاختلاف كل منهم في نظره للعلاج، وليست مجرد الكفاءات.

وعلي أي حال حين يوضع للأمة مشروع عودتها لشرع الله فسيتم الانتفاع بكل الكفاءات في مجالها بغض النظر عن انتمائهم الفكري بشرط الالتزام بالخط الإسلامي العام.

ونحن لا نشك في أنه يلزم تأييد الأحزاب الإسلامية لتسير على طريق إقامة الدين وسياسية الدنيا بالدين، وكيف يقال: يجوز تأييد العلمانيين الذين يريدون فصل الدين عن الدولة، بل عن الحياة نفسها وأن نسلمهم مقاليد الأمور؟!

فهل ما أصابنا في عهد عبد الناصر إلا من اليساريين؟

وهل ما أصابنا في عهد السادات وحسني مبارك إلا من جرَّاء من يدَّعون الليبرالية؛ فكيف تخدع بأنه لا فرق حتى لو أساء الإسلاميون أو بعضهم فإنه لا يمكن أن يستوي من أراد الحق فأخطأه، ومن أراد الباطل فأصابه.

فلا يغرنك الذين لا يوقنون.