الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 24 مايو 2012 - 3 رجب 1433هـ

مناقشات انتخابية

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ففي مناقشاتي مع كثير من الناس حول المرشح الذي اخترناه لندعمه أحاول تضييق نطاق الاختيار بطريقة متدرجة، فتكون نقطة البداية: "لا" لرموز "النظام السابق".

وقد تظن أن هذه مُسلَّمة مِن المسلَّمات إلا أن الأمر ليس كذلك مع كل الناس، فالبعض لديه تحفظات أو اعتراضات على هذه القضية، منها:

أنهم أكثر خبرة، والمثل يقول: "إدي العيش لخبازه ولو يأكل نصفه!".

أعطيناهم العيش فأكلوه كله، بل ونهشوا لحمنا، ومصمصوا عظامنا! ولولا ذلك ما قامت الثورة؛ فهل نعود لنجربهم ثانية؟!

والجواب: إن هؤلاء القوم أعطيناهم العيش فأكلوه كله، بل ونهشوا لحمنا، ومصمصوا عظامنا! ولولا ذلك ما قامت الثورة؛ فهل نعود لنجربهم ثانية وقد جربناهم فوجدنا الاعتقالات بغير محاكمة، والتي زادت حتى بلغت تنفيذ حكم الإعدام بغير محاكمة، كما حدث مع "سيد بلال"، و"خالد سعيد"؟!

جربناهم... ففوجئنا بدول إفريقية تريد أن تمنع عنا مياه النيل، ووزراء خارجيتنا مشغولون بالرئيس وحرمه ونجله!

جربناهم... فأصبحت خطوط الطيران الأجنبية العاملة في مصر أرخص وأفضل من نظيرتها المصرية!

جربناهم... فلم نعد نزرع القطن الطويل التيلة، ولا القمح، واستبدلنا بهما "الكنتالوب" و"الفراولة"، وغيرهما مِن الفاكهة التي ما إن فرِحنا بها حتى عرفنا أنها تنمو بالمبيدات المسرطنة، والحكومة راضية ومتواطئة مع الوزير المسئول، حتى غضب عليه الوريث، فخرج من الوزارة معززًا مكرمًا، بينما حوكم "صبيانه"!

جربناهم... فوجدنا أن مصر على أيديهم قد تقزمت، وأن المصري يُهان في بلده وفي خارجها.

وقد يقول قائل: وهل ثبتت التهمة على كل واحد منهم بعينه؟!

والجواب: إن هؤلاء شركاء في الجريمة: إما بالفعل أو بالسكوت والرضا؛ حفاظًا على المنصب والجاه، وجرائمهم في الشرع كالخمر التي لعن فيها عشرة، وأفضل أحوال أصحابها أن يُقال: "إنه لم يتمعر وجهه" لما رأى القتل والبغي، والسرقة والنهب!

إن هؤلاء شركاء في الجريمة: إما بالفعل أو بالسكوت والرضا، وجرائمهم في الشرع كالخمر التي لعن فيها عشرة

إن القاعدة المناسبة هنا هي قاعدة: "لا يلدغ المؤمن مِن جحر مرتين"، وهي فضلاً عن كونها قاعدة نبوية؛ فهي في ذات الوقت منطبقة تمام الانطباق على وضع هؤلاء.

إذن حصرنا اختيارنا داخل مَن يُسمون: بـ"مرشحي الثورة"، والدور على المحطة الثانية، وهي: أهمية أن يكون المرشح مؤمنًا بالمرجعية الإسلامية.

وهذا يستند على مستندين:

الأول "شرعي": وهو أن الإسلام يدعونا إلى أن نجعل منه المرجعية الحاكمة لدنيانا، (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام:162-163)، (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الجاثية:18). إلى غير ذلك من الآيات.

والثاني: وهو يقتضي أن يكون الحاكم إفرازًا طبيعيًّا للأمة، ومِن ثَمَّ فإذا كان أكثر مِن ثلاثة أرباع الأمة يؤمنون بالمرجعية الإسلامية، فمن الطبيعي أن يكون الرئيس معبرًا عن هذه الشريحة؛ لأن منصب الرئاسة يشغله شخص واحد، ولا يقبل المشاركة بالحصص كحال البرلمان مثلاً، وهذا الأمر رغم أنه يبدو مِن البديهيات إلا أنه لا يخلو من اعتراضات، منها:

قول القائل: إن كل المرشحين مسلمون.

والجواب: إن هناك مسلمًا يفهم الإسلام على أنه علاقة خاصة بين العبد وربه، وهذا خطأ شرعًا، لكن الذي يعنينا هنا: أن هذا الفهم مخالف لفهم الأزهر، ولفهم الغالبية العظمى من المسلمين، و"للمادة الثانية من الدستور".

وهنا قد يقول قائل: إن وجود المادة الثانية والتزام الرئيس بها دستوريًّا يجعل أي رئيس سيكون إسلاميًّا رغم أنفه، وفي الواقع نحن نريد رئيسًا إسلاميًّا، ولكن بإرادته حتى يتناغم مع إرادة شعبه، ومع الدستور.

وقد يقول قائل: ولكن لا نريد سيطرة فصيل واحد على السلطة، ولكن ما هي الخبرات السابقة للإسلاميين، ثم ماذا عن الفصائل الأخرى؟

والجواب عندنا ينقلنا إلى الاختيار النهائي، وهو: "أبو الفتوح" إسلامي، ولكنه الآن لا ينتمي إلى تنظيم، وله خبرات عالية في إدارة مؤسسات: كنقابة الأطباء، واتحاد الأطباء العرب، وهيئة  الإغاثة الإسلامية، وله قبول مِن جميع التيارات.

وكان البعض يشير إلى مرشح إسلامي آخر فكنتُ أضن بوقتي أن أبذله في تغيير قناعات هذا الفريق؛ لأن الأمر عندي ليس ببعيد، بل إن البعض كان يذكر بعض "مرشحي التيار الناصري"!

ورغم أن هذا التيار يحمل أيديولوجية اقتصادية تصادمية لا تحتملها مصر قط، كما أن مصر تحتاج الآن إلى تضافر الجميع تحت مظلة قانون عادل فيحافظ على فرص الاستثمار، ويحفظ في الوقت ذاته حقوق العاملين بدلاً مِن الصراع الطبقي، ورغم أن هذا التيار ارتبط وجوده في "مصر الستينات" بدرجة انفتاح أخلاقي لا تناسِب المصري البسيط الذي يغازله اقتصاديًا، حتى تحول بحكم هذا التوجه إلى تيار شديد النخبوية، وإن كان يتكلم باسم الكادحين... ! رغم ذلك كله لم أكن أبذل كبير جهد في مناقشة أصحاب هذا التوجه؛ طالما لن يعطوا أصواتهم "للفلول"

مناصرو الفريق شفيق يصورون أن أبو الفتوح ما زال مرتبطًا تنظيميًّا بالإخوان رغم كذب هذا الادعاء ورغم المنافسة الانتخابية الساخنة بيْن د.مرسي ود.أبو الفتوح!

.

والآن وفي اليوم الأول للتصويت، وقد بدت المؤشرات أن الترتيب: د."أبو الفتوح" و د."مرسي في المقدمة"، ويليهما "الفريق شفيق"، وجدنا أن مناصري الفريق "شفيق" يتطوعون بإقناع بعض الشباب المتردد بيْن الدكتور "أبو الفتوح" وبعض مرشحي الثورة الآخرين، وهؤلاء بطبيعة الحال رافضين لمرشح الإخوان وللفلول، فيصورون لهم أن الدكتور "أبو الفتوح" ما زال مرتبطًا تنظيميًّا بالإخوان، رغم كذب هذا الادعاء، ورغم المنافسة الانتخابية الساخنة بيْن د."مرسي" ود."أبو الفتوح"!

وغرض هؤلاء ليس طبعًا خدمة "مرشحي اليسار"، وإنما حرمان د."أبو الفتوح" من بعض الأصوات عسى أن ينزل إلى المركز الثالث، فتكون النتيجة -إن نجح المخطط- أن هؤلاء الشباب المترددين بين "أبو الفتوح" -الإسلامي المستقل- وبيْن "مرشحي اليسار" قد ساهموا دون أن يدروا في أن يقفز الفريق "شفيق" إلى المركز الثاني؛ ليدخل في إعادة في أول انتخابات رئاسية، بينما يرفل مرشح اليسار بأصواتهم في المركز الرابع.

وفي الانتخابات يستوي المركز الثالث مع المركز الثالث عشر.

اللهم قد بلغت... اللهم فاشهد.