الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 07 يوليه 2025 - 12 محرم 1447هـ

العمل السياسي وضرورة الإصلاح

كتبه/ أبو بكر القاضي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فالعمل السياسي المنضبط بالضوابط الشرعية المبني على القواعد الشرعية من ميزان المصالح والمفاسد، ودفع أكبر المفسدتين باحتمال أدناهما، وتحصيل أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما جزء لا يَتَجَزَّأ من العملية الإصلاحية، والمنظومة القيمية لنظرة الإسلام أنه دين ودولة، دين جاء ليحكم الأرض جميعًا وتكون كلمة الله هي العليا -أي: شرعه وأوامره-، والسعي لعلو كلمة الله من صلب تَدَيُّن كل مسلم؛ فضلًا عمَّن يَنتسِب للإصلاح ونشر منهج أهل السنة والجماعة والفهم الصحيح = فهم السلف للوحي قرآنًا وسنة.

لا نَتَمَاهَى مع العلمانيين والليبراليين الذين يَتَشَدَّقون بقولهم: "لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين"، بل من الدين السياسة الشرعية التي تُرَاعِي المقاصد الكلية للشريعة من تكثير الخير وتقليل الشر، والتغيير؛ فإن لم تَسْتَطِع فالتأثير، فإن لم تَسْتَطِع فإقامة العذر والإعذار بين يدي الله غدًا.

المؤمن السائر إلى الله يَسْعَى للإصلاح في كافة جوانب الحياة، ولا يَتَقَوَّقَع ولا يَنْطَوِي، ولا يَنْهَزِم ولا يَسْتَسْلِم، مُعَلِّق قلبه بالسماء، لا يَلْتَفِت لمدح مادح ولا ذم ذام، لا يَتَعَلَّق بالنتائج على قدر تعلقه بمعنى العبودية، والأخذ بالأسباب الشرعية، وغرس فَسَائِل الربانية؛ لحماية دعوته مُرَاعِيًا لواقعه، صَادِعًا بمنظومته الفكرية المعتدلة الوسطية دون صدام أو تكفير، أو تنفير أو حتمية مواجهة، مُنْطَلِقًا من قواعد ومنطلقات شرعية مُتَأَدِّبًا بالأخلاق القرآنية من حفظ الدماء والأعراض، ويَتَأَدَّب بأدب الخلاف السائغ، ويُنْكِر فيما ليس بسائغ ومُخَالِفًا للنصوص.

لا يَعْبَأ ولا يَتَوَانَى في ذلك وإن خَالَفَه مَن خالف، أو خَذَلَه من خذله، أو سَبَّه من سبه من الداخل أو من الخارج، أو من القريب أو من البعيد، أو أصحاب الفكرة الإسلامية الملبَّس عليهم -فقليل من يَتَنَاقَش بموضوعية وعلمية مُتَأَدِّبًا بأدب الاجتهاد- أو أصحاب الفكرة العلمانية.

يَفْهَم أن عمله في جماعته وكيانه جزءٌ لا يَتَجَزَّأ من الحفاظ على هوية المجتمع الإسلاميِّ، بل والسعي لتبني قضايا مجتمعه وأمته في المشارق والمغارب، والحفاظ على رسالته وقضيته في نصرة دين الله بكل ما هو ممكن ومستطاع، مُرَاعِيًا للسنن الشرعية والكونية للخروج من الاستضعاف إلى التمكين، فكل مرحلة لها عبادتها وفقهها.

لن أقول لكم: إنكم فقط محل نظر العالم في تجربتكم الإصلاحية، ولكن سأذكر الأهم أنكم بمرأى ومسمع من رب العالمين، والأولى بكم ابتغاء رضاه مُسْتَغْنِين به عن الخلق، (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى? عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة: 105).

فَسِيرُوا إخواني في الله على بصيرة ونور ولا تلتفِتوا.