الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 03 أكتوبر 2024 - 30 ربيع الأول 1446هـ

حكم عبارة: (اللهم انشلني من أوحال التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة!) والدفاع عن قائلها

السؤال:

انتشرت الآن مواكبة مع الاحتفالات بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتي هي بدعة محرمة -كما أعلم- ظهور العديد من المقاطع العجيبة لأصحاب الطرق الصوفية المنحرفة، مع ترويج لأورادهم، والتي منها ما جاء في الصلاة المنسوبة للشيخ عبد السلام مشيش: "وانشلني من أوحال التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة!"، وأنا أعلم أنها عبارة شركية محرمة، لكني فوجئت بمَن يحمل هذه العبارة على معانٍ أخرى ليصححها -ومِن هؤلاء مَن يعلن انتسابه إلى السلفية-، مثل القول بأن: "توحيد الموحِّد قد يقع فيه انحراف وضلال، وهو يظنُّ نفسه أنه من الموحِّدين الناجين؛ لذلك فالشيخ عبد السلام بن مشيش يسأل الله أن يحفظ توحيده من الضلالات والانحرافات التي وَقَع فيها كثيرٌ من أهل الفِرَق الضالة. وأما التوحيد الذي جاء به سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- والنبيون من قبله، فلا أوحال فيه، ولكن قد يقع بعض الموحِّدين في بعض الضلالات وهو يظن نفسه أنه موحِّد".

وبعضهم يجعل هذا القول مثل دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي) (رواه مسلم)، فما حكم هذا التأويل؟

الجواب:

فقضية تجويز النطق بعبارات ظاهرها الكفر لحسن قصد صاحبها واعتقاده؛ هي مِن أخطر ما يروِّجه هؤلاء المبتدعون حاليًا -السلفيون سابقًا!-.

ولا شك أن هذا من أخطر الأمور على الإيمان والدِّين؛ كتأويل بعضهم قول ابن عربي: "إن إبليس رسول الله!"، بزعم أنه قصد رسول الضلال!

وكذا مَن قال: "أشهد أن لا إله لكم إلا إبليس!"، ثم يقول بعضهم في تأويله: إنه قصد أنكم تتبعونه لا تتبعون الشرع!

وهذا راجع إلى مذهب مَن يقول: "الايمان هو المعرفة"؛ ولذا جاز عندهم النطق بالكفر وفعله، مع سلامة الإيمان باطنًا -زعموا!-.

وهؤلاء يرد عليهم قول الله -تعالى-: (‌وَجَحَدُوا ‌بِهَا ‌وَاسْتَيْقَنَتْهَا ‌أَنْفُسُهُمْ ‌ظُلْمًا ‌وَعُلُوًّا) (النمل: 14)، وحال إبليس وحال أبي طالب، فكل هؤلاء عندهم المعرفة بالله -تعالى- ويوقنون بوحدانية الله، وصِدْق الرسل، ولم يكونوا مؤمنين ناجين بذلك.

وكان من شعر أبي طالب:

ولقد علمتُ بأن دين محمدٍ                    من خير أديان البرية دينًا

لولا الملامة أو حذار مسبة                    لوجدتني سمحًا بذاك مبينًا

ثم ما أدرانا بقصد القائل مع وضوح العبارة؛ ولأجل وضوح معناها، وما تدل عليها من الباطل والمنكر الظاهر؛ تعدَّدت تأويلاتهم التعسفية لها، وكلها من أبعد ما يكون عن ظاهر العبارة.  

فأين هذه العبارة الشركية من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي) (رواه مسلم)؛ الذي فيه التوسل إلى الله والتضرُّع إليه: أن يصلح دين العبد، بتثبيته على شرعه -سبحانه وتعالى-، وكتابه وسنة -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ لا صلاح لدين العبد إلا بذلك.

ثم هل يجوز أن يقال: اللهم انشلني من أوحال سنة رسول الله، أو أوحال الإسلام، أو أوحال القرآن؟!

اللهم إنا نبرأ إليك من هذا الضلال، وممَّن يجوِّزه بالتأويل!

فإلى الله المشتكى.