الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 04 سبتمبر 2024 - 1 ربيع الأول 1446هـ

نصائح وضوابط إصلاحية (12)

كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛   

فمن الشبهات المثارة حول مشروعية العمل الجماعي المؤسسي التعاوني:

الشبهة الرابعة:

قالوا: أهل الإسلام ينبغي أن يكونوا حزبًا واحدًا، وليسوا أحزابًا متعددة، واستدلوا بقول الله -تعالى-: (أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة: 22)، فالله ذكر حزبًا واحدًا ولم يذكر احزابًا أو كيانات متعددة؛ فلماذا نعدد الكيانات والأحزاب؟!

وللرد على هذه الشبهة نقول:

لقد قال الله عن اهل الكفر: (أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المجادلة: 19)، فهل معنى ذلك أن الشيطان له حزب واحد؟! و ها نحن نرى اختلاف أهل الكفر فرقًا وأحزابًا كثيرة، كاليهود والنصارى والمجوس، وعبدة البقر، والملحدين، والبهائيين، وغيرهم من الأحزاب التي يُكفر بعضها بعضًا، لكنهم جميعًا داخلون تحت مسمَّى: حزب الشيطان؛ لأنهم اشتركوا في الصفة الجامعة لأصل الحزب، وهي طاعة الشيطان والكفر بالرحمن؛ كذلك نقول في الكيانات الدعوية الإصلاحية التي تعمل وَفْق منهج واحد -منهج أهل السنة والجماعة-، وتحت راية واحدة، وهي راية الإسلام. فهم جميعًا داخلون تحت مسمى حزب الله؛ لأنهم اشتركوا في الصفة الجامعة لأصل هذا الحزب وهي طاعة الرحمن والكفر بالشيطان.

الشبهة الخامسة:

قالوا: تعدد الكيانات الإصلاحية سبب في التعصب والتباغض، ودفع المفسدة مقدَّم على جلب المصلحة.

وللرد على هذه الشبهة نقول:

وهل الحل أن نلغي هذه الكيانات الإصلاحية بأكملها، ونحرم الأمة من الخيرات العظيمة والفوائد الكبيرة الناتجة عن وجود هذ الكيانات الإصلاحية التي يظهر لكل منصف أن فوائدها أكبر بكثير من مفاسدها أم أن الحل هو أن نُعلِّم أفراد هذه الكيانات الإصلاحية فقه الخلاف، وأدب الحوار، ونعلمهم أن الولاء والبراء يكون على الكتاب والسنة، وأن الحب والبغض لا يكون إلا في الله؟!

وهل العقل والممارسة الحياتية التي نمارسها تستلزم منا أن لا نتعامل إلا إن وجد النموذج الكامل أم أن الواقع والعقل والشرع دائمًا يفرِّق بين الممكن والمتاح، وبين المرجو والمأمول، ويوازن بين خير الخيرين وشر الشرين.

فعلى سبيل المثال: الجميع يعلم فضل صلة الأرحام؛ فلو فرضنا أن هناك خلافًا بين بعض العائلات أو القبائل الكبيرة التي بينها صلات نسب، وأن هذا الخلاف أدى إلى تباغض بعض أفراد هذه العائلات تعصبًا للعائلة أو القبيلة؛ فهل نقول لهم: إن صلة الارحام والنسب بالنسبة لكم حرام؟! أم نقول بإلغاء هذه القبائل والعائلات ونفتي بحرمة الانتساب إليها؟!

أم ننهاهم عن التعصب والتباغض ونذكِّرهم بفضل صلة الرحم مع بقاء الانتساب للعائلة والقبيلة؟!

لا شك أن الأخير هو الواجب.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.