كتبه/ محمود دراز
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فيا أيها المُعَلِّم...
عليك أنت تعلم تمام العلم أن مهنتك مِن أرقى المهن، بل هي رسالة سامية في المقام الأول، وعبادة تتقرب بها لله -جل وعلا-، فأنتم سراج العباد وعماد البلاد.
أنتم الشجرة التي تنتج الثمار، فيستفيد بها جميع الخلق.
أنتم المحرِّك.
أنتم السراج المضيء الذي يضيء الطريق للأجيال، فيخرج من ثمرة علمكم وإشرافكم جميع المهن في شتى المجالات، فالله زكاكم وأعلى شأنكم فقال في كتابه: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة:11).
فالعلم منهج الأنبياء؛ أرسلهم الله سببًا كي يخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، فقد روى أبو الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْبَحْرِ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).
وذكر في الأدب:
قالوا: المُعلِّمُ، قلتُ: أشرفُ مهنةٍ بـضيـائِـهـا لـيـلُ الجهـالـةِ يَنجَلي
هي مهنةُ الرُّسُلِ الكرامِ سَمَوْا بها عَـنْ كـلِّ ذي وَهْـمٍ وكـلِّ مُـضــلِـّلِ
فكل هذا الثناء جُعل مِن أجل المعلم، فعليك أن تعلم أيها المعلم أن مهنتك رسالة سماوية، وليست تجارة دنيوية، فعليك الرفق بأبناء المسلمين، ولا تجعل من مكانتك سلطة تفرض على الخلق جبايتك كي تتحصل على الأموال الطائلة.
هناك من الأفاضل أهل الخير مِن المعلمين نعم، ولكن الكثير أصبح تاجرًا كمثل التجار، وكثير مِن المهن أصبحت تجارة: كالطب، وغيره من المهن السامية، فرفقًا بأولياء الأمور الذين تحترق أعصابهم كل عام وقت الامتحانات، وخاصة الثانوية العامة التي هي الفاصل الحياتي للطلاب.
إن كثيرًا مِن أولياء الأمور يقتصد في الإنفاق على بيته في المأكل والمشرب، بل يهمل نفسه تمامًا كي يفي برسالته تجاه أولاده، فرفقًا بهؤلاء.
أيها المعلم... نصيحتي لك: كن رحيمًا بالطلاب تغنم الحياة الدنيا، وتغنم الدار الآخرة؛ لذا أردت أن تحقق الرفق الذي أمر به الإسلام بين المسلمين.
ولا أتجاهل متطلباتك الحياتية، وأعلم الغلاء الذي يحيط بنا جميعًا؛ لذا على المعني بالأمر النظر في احتياج المعلم؛ لأنه عمود البيت الذي بدونه يُهدَم البيت، ولكن عليك أن تعلم أن ما تفعله من رحمة بالطلاب هو تجارة مع الله لن تبور، وسوف يبارك الله لك في القليل؛ لأن الرضا والقناعة هما لذة الحياة!