الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 31 ديسمبر 2020 - 16 جمادى الأولى 1442هـ

الخلاص في العمل بما تضمنته سورة الإخلاص

كتبه/ نصر رمضان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن توحيد الله -سبحانه-، وإخلاص العبادة له وحده -جلَّ وعَلَا- دون كلِّ ما سواه، هو أعظم الأصول وأكملها وأفضلها، وألزمها لصلاح الإنسانية، فمِن أجل توحيد الله وعبادته -سبحانه- خَلَقَ اللهُ الجن والإنس، وأرسلَ الرُّسُل، وأنزل الكتب، وشَرَعَ الشرائِع؛ ولذا كان التوحيد مِفتاح دعوة الرسل أجمعين، وغاية رسالتهم، فما مِن رسولٍ بعثه الله إلا وكان أول ما يدعو قومه إليه هو توحيد الله، قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل:36)، وقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25).

ومن السور العظيمة التي أنزلها الله -تعالى- على رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ تقرر ما يجب على العبد اعتقاده في ربه، وأنه الواحد الأحد، الذي لا شريك له، ولا نظير ولا شبيه، في ذاته وصفاته وأفعاله، ولا صاحبة ولا ولد له، وأنه المتصف بصفات الكمال والجلال بلا تمثيل، المُنَزَّه عن صفات النقص بلا تعطيل: "سورة الإخلاص"؛ قال الله -تعالى-: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (الإخلاص:1-4)، فهي سورة مكية، وهي مِن أعظم سور القرآن؛ إذ هي صفة الرحمن، سُميت بسورة الإخلاص؛ لأنها خالِصة في وصف الله -سبحانه-، ليس فيها غيره. أو: لأنها خالصة في التوحيد الخالص لله -عز وجل- مِن كل مظاهر الشرك. أو: لأنها تخلِّص صاحبها من الشرك والنار.

وتُسمَّى كذلك بـ"سورة الأساس"؛ لأن موضوعها هو توحيد الله -سبحانه-، وإثبات ما يليق بذاته من صفات، ونفي ما لا ينبغي له، وهما أساس الإسلام، وتسمَّى -أيضًا-: بـ"سورة الصمد"؛ إشارة إلى قوله: (اللَّهُ الصَّمَدُ)، وقد ذكر المفسِّرون لها أسماء عديدة تدور حول موضوعها.

- سورة الإخلاص: أربع آيات غاية في الإيجاز والإعجاز، قليلة المباني، عظيمة المعاني، لَخَّصت وأَجْمَلت أصل الاعتقاد والتوحيد الذي هو أصل الدين وأساسه.

- سورة الإخلاص: فيها الرد على المشركين الذين اتخذوا مع الله الشركاء، وضربوا له الأمثال، وظنوا به ظن السوء، ونَسَبُوا له الولد، فقالوا: الملائكة بنات الله، وانتقصوا مقام الربوبية، وجناب الألوهية، وناقضوا مقصود ما بعث الله به رسله، ففي سنن الترمذي عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه-: أَنَّ المُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني)، كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن اليهود أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: صف لنا ربك الذي تعبد، فأنزل الله -عز وجل-: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فقال: "هذه صفة ربي -عز وجل-" (قال ابن حجر في الفتح (13/ 356): "إسناده حسن").

وقوله -تعالى-: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ): يبيِّن -سبحانه- أنه الواحد الذي لا نظير له، ولا وزير، ولا نديد، ولا شبيه، ولا عديل؛ فهو المنفرد بأفعاله فلا شريك له، المنفرد باستحقاق العبودية فلا ند له، المنفرد بصفات جلاله وكماله فلا نظير له (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11)، قال -تعالى-: (قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (الرعد:16)، وقال: (لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (الزمر:4)، وقال: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)، وقال: (إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (النحل:22)، وقال -تعالى-: (هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (إبراهيم:52).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزالون تسألون، حتى يُقال لكم: هذا الله -عز وجل- خلقنا، فمَن خلق الله -عز وجل-؟!"، قال أبو هريرة: والله، إني لجالس يومًا، إذ قال لي رجل من أهل العراق: يا أبا هريرة، هذا الله -عز وجل- خلقنا، فمن خلق الله -عز وجل-؟! قال أبو هريرة: فجعلت أصبعي في أذني، ثم صرخت، فقلت: صدق الله ورسوله، الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد" (كتاب التوحيد لعبد الغني المقدسي).

قوله -تعالى-: (اللَّهُ الصَّمَدُ): اسم الله (الصَّمَدُ) مِن أسماء الله الحسنى الدَّالَّة على عِدَّة مَعَانٍ ذكرها أهل العلم:

- قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "هو المستغني عن كلِّ أحد، المُحتَاج إليه كلُّ أحد؛ فكل ما سواه مفتقِر إليه، وهو مستغنٍ عن كل ما سواه".

- وقال ابن عباس -رضي الله  عنهما-: "هو السيد الذي كمل في سؤدده، العظيم الذي كمل في عظمته، الشريف الذي كمل له أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله -سبحانه- هذه صفته التي لا تنبغي إلا له".

- وقال سعيد بن جبير -رحمه الله-: "هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله".

وقال أُبي بن كعب -رضي الله عنه-: "الصمد الذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله لا يموت ولا يورث".

وقال ابن مسعود، وابن عباس، والحسن البصري، ومجاهد، وعكرمة: الصمد: الذي لا جوف له؛ فهو متنزه -سبحانه- عن صفات البشر: كالأكل والشرب، ويتفق هذا المعنى مع ما جاء القرآن من إثبات بشرية المسيح -عليه السلام-؛ لأكله الطعام، قال -تعالى- في عيسى وأمه -عليهما السلام-: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ) (المائدة:75)؛ لما في الافتقار إلى الطعام من الدلالة القاطعة على بشرية عيسى وأمه -عليهما السلام-.

والصمد الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجهم فيكفيهم؛ إذ ليس لهم رب سواه، ولا مقصود لهم غيره يقصدونه ويلجأون إليه؛ فهو -سبحانه- المقصود إليه في الرغائب، والمستغاث به عند المصائب، وهو الذي تصمد إليه القلوب وتتجه إليه في رغبها ورهبها.

ثم قال -سبحانه-: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ): ففي هذه الآية رَدٌّ على مَن قال مِن المشركين أن (الملائكة بنات الله)، وعلى اليهود الذين قالوا: (عُزَيْر ابن اللَّه)، أو النصارى الذين قالوا: (المَسِيح ابن اللَّه)؛ تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا؛ فكذبهم الله في دعواهم الباطلة بقوله: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)؛ لأنه -جلَّ وعلا- لا مثيل له، والولد مشتق من والده، وجزء منه؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فاطمة -رضي الله عنها-: (إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا) (متفق عليه)، والله -جلَّ وعلا- لا مثيل له، ثم إن الولد إنما يكون للحاجة إليه، إما في المعونة، وإما في الحاجة إلى بقاء النسل، والله -عز وجل- لا مثيل له؛ وهو -عز وجل- مستغنٍ عن كل أحدٍ، فليس هو بأبٍ لأحدٍ، ولا بابنٍ لأحدٍ؛ سبحانه، وليس هو ممن يُولد فيَفْنَى، ولا هو بمحدَث لم يكن فكان؛ تعالى ربنا وجلَّ وتَقَدَّس.

قال الله -تعالى-: (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الأنعام:101)، وقال -تعالى-: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) (الإسراء:111)، وقال -تعالى-: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) (الفرقان:2)، وقال -تعالى-: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا . لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا . تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا . أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا . وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا . إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا . لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا . وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) (مريم:88-95)، وقال -تعالى-: (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) (النساء:172).

وفي الحديث القدسي الذي رواه البخاري: (كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤًا أَحَدٌ).

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فقد نزَّه الله نفسه عن الوالد والولد، وكفَّر مَن جعل له ولدًا، أو والدًا، أو شريكًا، فقال -تعالى- في السورة التي تعدل ثلث القرآن... : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، وعلى هذه السورة اعتماد الأئمة في التوحيد... فنفى عن نفسه الأصول والفروع والنظراء" (مجموع الفتاوى 2 / 438).

ثم قال -سبحانه-: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، فقد بيَّن -تعالى- أنه لم يكن أحدٌ من مخلوقاته كفوًا له، ولا نظير له، ولا مثيل له، وهذا يدل على تفرده -سبحانه- بصفات الجلال والكمال، وتنزيهه عن الشبيه والمثيل، والند والنظير، فلا أحد يماثله في ذاته، ولا في أسمائه، ولا صفاته، ولا في أفعاله، قال الحافظ: "ومعنى الآية: أنه لم يماثله أحد، ولم يشاكله" (فتح الباري 8 / 740)، فالله -تعالى- لا نظير له بوجه من الوجوه، والكفء: المثيل. قال -تعالى-: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11)، وقال: (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (مريم:65)، وقال: (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ) (النحل:74)، وقال: (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا) (البقرة:22).

إن سورة الإخلاص كان -صلى الله عليه وسلم- يكثر من قراءتها في صلواته، فكان يفتتح بها نهاره في سنة الفجر، ويفتتح بها ليله في سنة المغرب، وينهي بها يومه وليلته في صلاة الوتر، وكان يقرؤها في أول النهار في أذكار الصباح، وفي آخره في أذكار المساء، ويقرؤها في أدبار الصلوات، وركعتي الطواف، وعند النوم، مع المعوذات.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (احْشُدُوا، فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ)، فَحَشَدَ مَنْ حَشَدَ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَأَ: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثُمَّ دَخَلَ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: إِنِّي أُرَى هَذَا خَبَرٌ جَاءَهُ مِنَ السَّمَاءِ فَذَاكَ الَّذِي أَدْخَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: (إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، أَلَا إِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ) (رواه مسلم).

وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)، فلما رجعوا، ذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟) (متفق عليه)، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَخْبِرُوهُ أَن الله يُحِبه) (رواه البخاري).  

وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رجلًا سمع رجلًا يقرأ: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) يرددها، فلما أصبح جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ) (رواه البخاري).

وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلًا يقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَالَ: (لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

وعن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن أبيه، قال: خَرَجْنَا فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي لَنَا، قَالَ: فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: (قُلْ) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: (قُلْ)، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، قَالَ: (قُلْ)، فَقُلْتُ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (قُلْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).