الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
أجرى الحوار - أحمد عبد القوي
استنكر الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في مصر، حادث استهداف حافلة للأقباط في محافظة المنيا، مشيرًا إلى أن أول طرق محاربة الجماعات التكفيرية يكون بالفكر الصحيح.
وتطرق "برهامي" في حواره مع صحيفة "الفتح" إلى محاولات الهجوم على التراث؛ لا سيما الهجوم على كتاب "الجامع الصحيح" للإمام البخاري -رحمه الله-، وكذا الهجوم على النقاب وغيره، مشيرًا إلى ضرورة التسلح بطلب العلم والعمل والدعوة إلى الله -عز وجل-.
وإلى نصّ الحوار:
- في البداية... كيف ترى الاعتداء على حافلة الأقباط بمحافظة المنيا؟!
"الدعوة السلفية" أصدرت بيانًا استنكرتْ فيه حادث قتل الأقباط في المنيا، وأكدت أن هذه الدماء قد عُصمت بالعهد، والعهد هو الدستور الذي اتفقت عليه كلمة الشعب المصري؛ وبالتالي هم معاهَدون وليس كما يزعم مَن لا يفهم بكلام غير ذلك، فهم يقتلون المسلمين قبْل غيرهم، وحادثة قتل 300 مسلم في مسجد الروضة شمال سيناء ليس بأول ولا آخر الأحداث التي تقوم بها هذه الجماعات التكفيرية.
نحن ندين هذا الحادث، ونشدد على ضرورة محاربة هذا الفكر، وأول وسائل محاربته تكون بالفكر الصحيح، والدعوة السلفية لها باعها الطويل في محاربة هؤلاء، نسأل الله أن يرد كيدهم عنّا جميعًا.
- أثار مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي جدلًا واسعًا... كيف تقرأ هذا الحدث؟!
قتل أي إنسان بغير حق، أو تعذيب أي إنسان، أو حبس أي إنسان بغير حق؛ كل هذا مِن الظلم الذي حرَّمه الله -عز وجل-، وبدرجاتٍ متفاوتة بعضها فوق بعض، ظلمات بعضها فوق بعض.
ومَن يفعل ذلك ظانًّا أنه يخدم دولته أو حكومته أو رئيسه أو أميره أو مَن له عليه حق الطاعة؛ فهو يساعد على هدم بلده ودولته ونظامه؛ فإن ذلك مِن أسباب هلاك الأمم، لكن في الحقيقة نحن ليس عندنا الانتقاء الذي عند الإعلام الغربي وبعض وسائل الإعلام العربي (الغربي الهوية)؛ فمثلًا قضية مِن القضايا يتم تضخيمها جدًّا ويهتم بها العالم، وينشغل بها الناس ليل نهار، وكأن الدم المعصوم هو دم هذا الشخص فقط، وتُهمل مئات الألوف وربما الملايين مِن البشر الذين يعانون معاناة فوق الاحتمال، ولا يُذكرون بشيء!
هناك معاناة للمسلمين في سوريا، والعراق، وإيران، والصين، وبورما، وغير ذلك، وكم مِن الصحفيين قتلوا! ونحن هنا لا نعقب على مقتل صحفي، بل هو مسلم معصوم، وقد يكون كافرًا معصومًا، وأما "خاشقجي" فهو "مسلم معصوم"، لم يثبُت عليه ما يستحق به القتل (فيما نرى)، لكن نقول: لا بد وأن نكون منصفين، فنُحرِّم كل قتل للمعصومين، وكل أذى أو ظلم يتعرض له الإنسان بغير حق.
لذلك نرى أن هناك أغراضًا مِن وراء تضخيم بعض القضايا، نخشى أن تُستغل لزعزعة استقرار الدول العربية والإسلامية، خاصة دولة مثل السعودية، زعزعة استقرارها يؤثِّر في استقرار المنطقة كلها، ويؤثر في استقرار مصر، وهاتان الدولتان -مصر والسعودية- هما عمادا العالم العربي الإسلامي السُّني، وهناك مصالح إقليمية ومصالح دولية في زعزعة استقرارهما.
هناك مصالح لإسرائيل التي يزداد الفارق بينها وبيْن كل الدول العربية، وهناك مصالح لإيران التي تريد أن تلتهم المنطقة العربية وتُضيّق الخناق حول السعودية؛ لتخترق باقي الدول فيما بعد، فهي دولة قائمة على الفكر الطائفي الشيعي الاثنى عشري كما ينص دستورها على ذلك ولم تخفه، وتنفق مليارات الدولارات مِن أموال الشعب الإيراني على نشر التشيع ومحاربة السُّنة في داخلها، وفي المنطقة كلها.
فهذا الأمر لا بد أن يعالَج، خاصة أن هناك رغبة عالمية غير مخفاة في الانتفاع بالأموال السعودية والسيطرة عليها، ولذلك استغلال هذه القضايا ليس لأجل حرمة الدم، وإنما لتحقيق مصالح شخصية.
نحن نريد أن تصل التحقيقات إلى نهايتها لأجل حرمة الدم، وحق القتيل وأوليائه، ونُطالب بأن يكون ذلك مع كل قتيل قُتل بغير حق في كل أجزاء العالم العربي والإسلامي، وما وراء ذلك مِن المسلمين في كل مكان، بل ومِن المظلومين في كل مكان.
- برأيك... كيف تقرأ الهجوم على "صحيح البخاري" الذي يتجدد بيْن الحين والآخر؛ لا سيما في الآونة الأخيرة، وقد ظهرت أكاذيب حول إلزام الأزهر بمراجعته؟!
ما يتردد عن أن المحكمة ألزمت الأزهر بإعادة مراجعة صحيح البخاري، مغلوط ومكذوب على المحكمة؛ فقد أمرت المحكمة بإعادة المحاكمة ومراعاة الشكل، وعمومًا: نؤكد في هذا الباب أن هناك رغبة محمومة لهدم التراث، و"صحيح البخاري" مِلك للأمّة الإسلامية؛ الأمة الإسلامية كلها ورثت هذا الكتاب؛ لأنه جهد هائل بذله أمير المؤمنين في الحديث محمد بن إسماعيل البخاري، حيث بذل عمره كله فيه، وقد أجمع أهل العلم على أنه أصحّ الكتب على وجه الأرض بعد كتاب الله، وليس مِن حق أحد ولا مؤسسة معاصرة ولا غيرها مراجعة هذا الكتاب!
وسيظلّ البخاري الذي تلقته الأمة كلها بالقبول في منزلته، أصحّ كتاب بعد كتاب الله -عز وجل-؛ ولذلك يستحيل أن تحكم محكمة مصرية تستمد أحكامها مِن الدستور المصري الذي ينصّ على مرجعية الشريعة الإسلامية بتنقيحه أو مراجعته؛ فالشريعة الإسلامية متضَمّنة داخل هذا الكتاب؛ فكيف يمكن أن يُنقض الأصل الذي تُعرف منه الشريعة، والذي علمت الأمة منزلته عبْر الزمان، وأجمعت على ذلك، مِن أجل شرذمة قليلة جدًّا مِن العلمانيين الناقمين على عودة الأمة إلى الوحي المنزّل؟!
فهؤلاء يطعنون في القرآن الكريم، فمِن وقتٍ قريبٍ قال قائلهم: "دعوكم مِن القرآن" -فيما يتعلق بميراث الذكر والأنثى- والآية الكريمة: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (النساء:11)، وآخر منهم يقول: "سنترك الآيات كما هي، ولكن نحتاج إلى مجلس نواب جريء يعلن أننا سنعطّل أحكام الآيات القرآنية الخاصة بالمواريث؛ لأنها لم تعد صالحة لهذا الزمان!"، وهذا طعنٌ في كتاب الله -عز وجل- وحكمه معلوم من دين الله بالضرورة، فمَن يطعن في كتاب الله -عز وجل- لا يكون مؤمنًا به.
فهؤلاء وإن كانوا في سدة وسائل الإعلام؛ فلا أثر لهم، ويستحيل أن تحكم محكمة على كتابٍ ليس ملكًا لأحدٍ، وإنما ملك للأمة الإسلامية ككل، وقد ورثته الأمة عن أكابر علمائها الذين أجمعوا على منزلته العظيمة، وأنه ليس فيه شيء موضوع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا ضعيف.
وإن تكلم بعض أهل العلم عن أحاديث فيه، فإنهم يقصدون أنها لم تصل لرتبة باقي الأحاديث، ولا يطعنون فيها، بل هي على أقل تقدير مِن قبيل الصحيح لغيره عند هؤلاء أو "الحسن"، وعامة أهل العلم يصوّبون البخاري فيما وقع مِن استدراكاتٍ استدركها عليه الدارقطني، والأحاديث التي وقع فيها النقاش معدودة، والصواب فيها مع البخاري، وأما باقي الأحاديث فالطاعن فيها ضال مبتدع، ولن يحكم قضاء مصري بمثل ذلك أبدًا -إن شاء الله-.
- هناك هجمة شرسة على النقاب تظهر أيضًا بيْن الحين والآخر... كيف تراها؟
الهجمة على النقاب كشفت حقيقة موقف عامة المصريين مِن هذه الشعيرة الإسلامية، رغم كثرة مَن يتحدث بغير علم، وكثرة مَن يختار الأقوال الشاذة ممَن تُصدرهم وسائل الإعلام، حتى ولو كان بعضهم ممّن ينتسب لأهل العلم.
أما عامة الناس حتى مِن غير المنتقبات ومِن غير مَن يرى استحبابه، يرون أن هذا الأمر مِن الأشياء التي لا ينبغي أن يُنازع فيها، فالجميع رفضَ مشروعَ القانون، حتى النسبة التي ظهرت في بعض استطلاعات الرأي عجزوا عن إيقاف نسبتها العالية إلا بالتدخل المباشر، حيث تجاوزت نسبة الرافضين لقانون حظر النقاب 94% في بعض الاستطلاعات.
والأدلة على النقاب كثيرة، منها مِن كتاب الله -عز جل-: قوله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) (الأحزاب:59)، وأطلب هنا مراجعة "التفسير الوسيط" للدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق، وهو يقول في تفسير الآية الكريمة: "وقوله: (يُدْنِينَ) مِن الإِدناء بمعنى التقريب، ولتضمنه معنى السدل والإِرخاء عُدِّيَ بعلى. وهو جواب الأمر، كما في قوله -تعالى-: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) (إبراهيم:31). والجلابيب: جلابيب: جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن، تلبسه المرأة فوق ثيابها.
والمعنى: يا أيها النبي قل لأزواجك اللاتي في عصمتك، وقل لبناتك اللاتي هن مِن نسلك، وقل لنساء المؤمنين كافة، قل لهن: إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن، حتى يسترن أجسامهن سترًا تامًا، من رؤوسهن إلى أقدامهن، زيادة في التستر والاحتشام، وبُعدًا عن مكان التهمة والريبة" اهـ.
ومِن السُّنة النبوية: قد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ) (رواه البخاري)، فدلّ ذلك على أن غير المحرمة تنتقب وتلبس القفازين، والمُحرمة تُغطّي وجهها بغير النقاب، كما كان النساء يفعلن في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا مرّ بهن رجال.
والإجماع منعقد على أن النقاب هو زيّ أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعنى "التغطية الكاملة لبدنهن"، فمِن تتشبه بزوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف نقول لها: "ممنوع" أو "محرم" أو حتى "مباح" أو "مكروه"! بل لا شك أن مَن تشبهتْ بزوجات النبي؛ فهي تفعل أمرًا مستحبًا.
وقضية النقاب ممولة مِن الخارج للأسف، وتواجه ضغوطًا خارجية مِن أجل صرف الناس عن الالتزام بهذه الشعيرة الدينية فيما يتعلق بشأن المرأة، والمرأة التي تنتقب في بلادنا ليستْ مُكرهة، وقد رأيتُ أمثلة كثيرة مِن آباء ملتحين وأمهات منتقبات وبناتهن غير منتقبات، فلن يستطيع أحد أن يفرض على المرأة أن تنتقب، وكذلك المرأة المنتقبة عندنا لا تلبس النقاب لتراعي أوضاعًا اجتماعية، فليس هناك حاجة إلى ذلك، والذين يريدون أن يصوروا أن عامة النساء ينتقبن مِن أجل الأوضاع الاجتماعية دون اقتناع؛ فهذا قد يحدث مِن البعض إلا أن الأغلب مِن النساء في بلاد الخليج -مثلًا- هن يخترن النقاب قناعة منهن بالشرع الذي إما أوجبه وإما استحبه، ولذلك فمحاولات تغيير وضع المرأة في المجتمع لن تفلح -بإذن الله-.
- هناك احتجاجات مستمرة في إيران وكذلك في جنوب العراق... هل ترى أن هذه التظاهرات دليل على سقوط الحكم الشيعي في العراق وإيران أو رفضه؟
في الحقيقة لا أراها مقدمات لسقوط الحكم الشيعي؛ لأن الحكم الشيعي يُحقق للغرب مصالح كبيرة جدًّا، فهو فزاعة للدول العربية لتمزيقها وابتزازها، ولا أراهم يضحون بذلك بسهولة، كما أن الروافض لن يستسلموا بسهولة، وهم عندهم مِن العناد والكبر ما يمنعهم مِن حل المشاكل الموجودة.
وهذه الأوضاع التي نراها الآن تنبئ بالفشل في إدارة البلاد، وفي العراق خصيصًا الذي لم يكن به أغلبية شيعية أبدًا، ولكن تم التلاعب في نسب الإحصائيات، ليُغلّبـوا الشيعة؛ مكافأة لهم على فتاوى تحريم مقاومة المحتل الأمريكي، فلا أتوقع انهيار النظام الإيراني الآن، وإن كنت أرجو ذلك.
- كيف ترى خطورة الشيعة على الأمن القومي العربي؟
الشيعة مِن أخطر ما أدى بالفعل إلى تقسيم دول أو انهيارها: "سوريا، العراق، لبنان، اليمن، والبحرين"، ولولا فضل الله ثم التدخل لمنع التدخلات الإيرانية فيها بواسطة دول مجلس التعاون الخليجي؛ لكان الوضع أشد سوءًا.
وإيران نفسها تهديد هائل للدول العربية والإسلامية كلها، وهذه الطائفة هي شر أهل البدع المنتسبة لأهل القبلة، لن تسكت إلا بقوة أهل السُّنة؛ أما إذا ظل أهل السُّنة ضعافًا، ولم يتصدر أحد للدفاع عن السُّنة ظاهرًا إلا الجماعات التكفيرية التي تشوّه الصورة وتُضعف أهل السُّنة، وتمزق المجتمعات تمزيقُا لم يُر مثله، فسوف يُشكِّل الشيعة أشد المخاطر على الدول العربية والإسلامية.
الشيعة والتكفيريون أخطر التحديات التي تواجه العالم العربي والإسلامي من داخله.
- كيف تقرأ آخر المستجدات لدى القضية السورية؟
هي مأساة فوق التخيل، وطن ممزق، جماعات متحاربة، فرض استمرار الأسد أصبح لا تنازع فيه أي دولة، بعد ما كان في وقتٍ مِن الأوقات لا تطالِب به أي دولة، بل صار هو البديل عند كل هذه الدول لبقاء الدولة السورية للأسف الشديد؛ أمر في غاية الألم، والشعب السوري ضحّى تضحياتٍ هائلةٍ ولم يقطف أي ثمرات لها على الإطلاق.
- التحالف العربي حقق تقدمًا جديدًا في الحُديدة رغم تمويل عصابات الحوثي الإرهابية، كيف ترى الأزمة اليمنية؟
المشكلة في أن الحوثي يَلقى دعمًا مستمرًا مِن دولٍ كثيرةٍ، ولا أظن أن الغرب سيسمح بانتصارٍ حاسمٍ في اليمن، وإن كنّا بلا شك نفرح بحصول التقدم الحالي في جبهة الحديدة، ونسأل الله أن يتمم بتحريرها وجميع البلاد اليمنية مِن قبضة الحوثي، لكن هناك مشكلة أخرى أيضًا موجودة، وهي: أن القوى العالمية المتمثلة في القوى الغربية لا زالت تسمح بتدعيم إيران للحوثي دعمًا قويًّا.
- مع دخول حزمة العقوبات الأمريكية الثانية على إيران حيز التنفيذ رأينا حركة "حماس" تعلن تجديد دعمها لإيران... كيف تفسِّر هذا الدعم؟
للأسف الشديد هذه شنشنة محفوظة تكررت مرات مِن قبل، وكأن العقوبات الأمريكية على إيران ضرر على الأمة الإسلامية، شيء عجيب، فإيران إذا قويت على حالها أكلت ما حولها.
ولذلك أسأل: ألا ترون الأضرار المتعلقة بالتوسع الإيراني في الدول العربية؟ ألا ترون التوسع الإيراني في الدول الإسلامية الآسيوية؟ هل تريدون مِن إيران أن تنتشر أكثر وتفسد في العالم الإسلامي بشكل أكبر؟!
هذا الأمر في الحقيقة متوافق تمامًا مع المواقف السابقة لجماعة الإخوان المسلمين عبْر التاريخ مع الشيعة.
- في بعض الأحيان ينسى شبابنا قضيتنا الفلسطينية... كيف ترى واجبنا تجاه القدس وفلسطين؟
واجبنا أن نظل نُحييها في قلوبنا وقلوب أبنائنا، وألا نستسلم لمحاولات قتل القضية، وألا نستسلم للتفاوت الهائل في القوة الذي يحاول البعض أن يستخدمه سلاحًا لليأس في قلوب أبناء الأمة، فقد مرّت الأمة بأحوال مِن قبْل، كان فيها التفاوت كبيرًا، ولكن الأمة لم تمت، وقضايا الأمة لن تموت والقدس ستعود للمسلمين وفلسطين كلها ستعود -بإذن الله تبارك وتعالى-.
- ما تعليقك على انشغال شبابنا المبالغ فيه بمباريات كرة القدم؟
الانشغال البالغ الذي يُفرض على الشعوب مِن خلال وسائل الإعلام حتى تهتم بما لا يُطعم جائعًا، ولا يكسو عاريًا، ولا يأوي مشردًا، ولا ينقذ اقتصادًا، ولا يُعلي من شأن تقدم البلاد، كيف تكون نظرتنا له؟!
إن الحزن يملأ قلوبنا عندما نرى أن الأمة تئن في مآسيها المتعددة، والانتصار يتحول عند بعض الشباب إلى الانتصار في مباراة كرة قدم، وأن الهزيمة المؤلمة لهم ليس في مليون مسلم يتم اعتقالهم في الصين، ولا مليونين ونصف المليون مِن مسلمي الروهينجا تم طردهم مِن بيوتهم بعد قتل واغتصاب، وتعذيب وحبس في بورما، وليستْ في ضياع فلسطين والمسجد الأقصى، وليس في فرض رؤية "أن إسرائيل دولة لا تُقاطع، وأن الواجب هو التطبيع معها!"؛ فإذا حُصرت الهزيمة في هزيمة فريق ونسينا كل هذا! فالخطر كبير.
- ظهر بالسوق مجددًا الجزء الثاني مِن سلسلة "القتلة الأوائل" لإبراهيم عيسى الذي يواصل فيه الهجوم على الصحابة -رضي الله عنهم-... ما رأيك؟
إبراهيم عيسى يروّج للفكر الشيعي منذ القديم، والطعن في الصحابة -رضي الله عنهم- الأصل في ذلك، وهو يعتمد دائمًا على الروايات المكذوبة والضعيفة والباطلة؛ ليشوّه صورة الصحابة -رضي الله عنهم-، ويجب التحذير مِن هذه الروايات، ومِن هذا المؤلف.
- أخيرًا: نرجو مِن فضيلتك توجيه رسالة إلى الأمة الإسلامية بشكلٍ عام، وإلى أبناء الدعوة السلفية والملتزمين بشكل خاص؟
رسالتي إلى الناس جميعًا: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور:31)، فإن العودة إلى الله -سبحانه وتعالى- هي التي يرفع الله بها عنا المحن، والتي منها الغلاء وتسلط الأعداء وتفرق الكلمة، والالتزام بالسُّنة ومنهج أهل السُّنة في كل قضايا الأمة يجب أن نجتهد في تحصيله ونشره في كل مجتمعاتنا.
وأما عن نصيحتي لأبناء الدعوة السلفية والملتزمين بصفة عامة، فأقول: إن الصراع الحضاري القائم حقيقة لا يمكن أن يُغفله أحد، وهو صراع قديم، وصراع مناهج، وهناك محاولات لفرض قيم تخالف قيمنا الإسلامية، ولابد أن نتعلم ديننا قضية قضية، ومسألة مسألة، وآية آية، وأن نتعلم السنة حديثًا حديثًا لنحافظ على هويتنا، ثم نطبق ذلك في أنفسنا ثم ندعو إليه إخواننا وجيراننا، وأهلنا وأقاربنا، وكل مَن نتعامل معهم.
نحن في حاجةٍ إلى العلم والعمل الصالح، وفي حاجةٍ إلى الدعوة، وفي حاجةٍ إلى الثبات والصبر، فقد تتغير الأمور كثيرًا في أوقاتٍ محدودةٍ، ولكن يبقى المؤمن ثابتًا رغم تغير كل ما حوله.
نسأل الله أن يثبتنا جميعًا على دينه.