الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 17 مايو 2007 - 30 ربيع الثاني 1428هـ

الأمين (4) القائد

كتبه/ مصطفى دياب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد توقفنا في المحطة السابقة عند هذه الكلمات الذهبية الرائعة التي تحدث بها "أبو عبيدة" لـ"علي بن أبي طالب" -رضي الله عنه-، وجاء رد "علي" -كذلك- عظيمًا رائعًا، فقد قال لأبي عبيدة -رضي الله عنه- "لن تر مني إلا ما يسر، ولن ير مني أبو بكر إلا ما يرضيه".

الله أكبر! ما أعظم وأبهى هذه الكلمات التي تبرز ذلك الحب والود والثقة والتقدير بين علي والصديق -رضي الله عنهما-! وكم تصم هذه الكلمات آذان "الروافض" الحاقدين، وتعمى عنها أبصارهم، فلا يرون إلا بعين الشيطان اللعين.

تولي أبو بكر الخلافة:

تولى "أبو بكر" -رضي الله عنه- خلافة المسلمين بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فواصل الفتوحات الإسلامية التي بدأها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أرسل أبو بكر أربعة جيوش لفتح الشام، على كل جيش منها أمير، وأمر أن يكون "أبو عبيدة" على الجيوش الأربعة أميرًا عامًّا.

انطلق كل جيش إلى جهة من جهات بلاد "الروم"، ثم بدأ القتال بين "الروم" والمسلمين، ورأى المسلمون أن جيش "الروم" عظيم العدد، فقد بلغ تسعين ألفًا، وجيش المسلمين ستة آلاف هي في الطريق مع "عكرمة بن أبى جهل" -رضي الله عنه- وقد جاءوا معه من تهامة وعمان والبحرين، عند ذلك بعث "أبو عبيدة" إلى "أبي بكر" -رضي الله عنه- يصف له جيش "الروم"، ويطلب منه إرسال مدد آخر من الجنود.

وفى ذلك الوقت أرسل "أبو بكر" -رضي الله عنه- إلى "خالد" -رضي الله عنه- يأمره بالتوجه إلى الشام لنجدة جيش "أبي عبيدة"، وقال للناس عندما جاءته أخبار "الروم" وجيوشهم الكثيرة العدد والعدة: "والله لأنسين الروم وساوس الشياطين بخالد بن الوليد".

وكتب "أبو بكر" -رضي الله عنه- كتابًا إلى خالد -رضي الله عنه- وهو بـ"الحيرة وقال فيها: "سر حتى تأتي جموع المسلمين بـ"اليرموكولتهنئك -أبا سليمان- النية والحظوة، فأتمم؛ يتمم الله لك، ولا يدخلنك عجب؛ فتخسر وتخذل، وإياك أن تدل العمل، فإن الله -عز وجل- له المن، وهو ولي الجزاء".

قطع "خالد بن الوليد" -رضي الله عنه- بجيشه طريقًا وعرًا يسمى: "صحراء السماوة وهو شديد الخطر؛ لقلة الماء فيه، ورغم تحذير الناس له من وعورة الطريق فقد مضى لا يلوي على شيء؛ فقطعه في خمسة أيام... وكتب "أبو بكر" إلى "أبي عبيدة" -رضي الله عنه- يقول له: "بعثت إليك بخالد بن الوليد؛ لنجدتك ودحر جيوش "الروم"، وجعلته أميرًا على الجيش كله، فكن له مطيعًا ولا تخالفه في شيء، وأعلم أنني لم أول خالدًا إمارة الجيش؛ لأنه أفضل منك عندي، كلا.. ولكني أعرف أن له معرفة بأساليب الحرب ليست لك، توكل على الله وتعاونا في الجهاد، والله لنا ولكما خير معين".

تحليل و فوائد:

سلامة قلوب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-:

"لن تر مني إلا ما يسر، ولن ير مني أبو بكر إلا ما يرضيه"، وكأنها كلمات يسمعها رافضة اليوم المنافقين، أما نحن فلن نصل إلى سلامة القلب إلا إذا كنا مخلصين وعملنا كله لله -عز وجل-.

الإخلاص أقوى أسباب الانتصار:

كتب "أبو بكر" كتابًا لـ"خالد" -رضي الله عنه- قال فيه: "سر حتى تأتي جموع المسلمين بـ"اليرموك"، ولتهنئك -أبا سليمان- النية والحظوة، ولا يدخلنك عجب؛ فتخسر وتخذل"، وهكذا القائد الرباني يذكر جنوده بأقوى أسباب النصر.. بالإخلاص.

أخي الحبيب، فليذكر بعضنا بعضا بالإخلاص في كل أمورنا، وليحرص كل منا على تحري الصدق والإخلاص والتجرد لله -عز وجل-.

البذل والتضحية في سبيل نصرة دين الله:

فقد قطع "خالد بن الوليد" طريقًا وعرًا شديد الخطر؛ ليصل بسرعة إلى جيوش المسلمين لنجدتهم، فماذا أنت فاعل في سبيل دين الله؟ ما هو بذلُك؟ وما هي تضحيتك؟ كم تجهد نفسك لهذا الدين؟

أخي، لابد لي ولك من إسهام حقيقي لنصرة ديننا الحنيف، ولكن هذا الإسهام بقدر المستطاع الآن، والله عليك رقيب، والله المستعان، ولا تحقرن من المعروف شيئًا.