الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 18 أغسطس 2013 - 11 شوال 1434هـ

حول من تقع عليه مسئولية إراقة الدماء، والجرأة على التكفير

السؤال:

أنا لست بسلفي ولا إخواني، ولكن أحب الإسلام والمسلمين وأريد فعلاً أن أعرف موقف حضرتك شخصيًّا في هذه الأمور الحادثة؛ لأنني وغيري الكثير في حيرة شديدة.

1- ما وقع من إراقة الدماء في رابعة والنهضة وغيرهما في أرجاء مصر، ثم ما وقع أمس في جمعة الغضب الجديدة من أحداث مؤسفة... فعلى من تلقى باللوم يا شيخ هل الإخوان هم المسئولون وحدهم في كل ما حدث أم الجيش والداخلية أم كلاهما مشترك مع بيان من يكون المجرم الأكبر والذي يقع عليه اللوم الأكثر من غيره؟

2- خرج الشيخ "وجدي غنيم" وكفر "السيسي" ومن عاونه بعد واقعة الطائرة اليهودية التي اخترقت المجال الجوي المصري لضرب المسلمين المصريين، وذكر أن هذا كلام العلماء؛ لأن نصرة الكافرين على المسلمين ردة وخروج من الملة. فهل توافق على تكفير "السيسي" وردته وإن كان فعل ما فعل؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فما وقع مِن قتل في جميع الأحداث نهينا عنه الأطراف كلها: "الآمر - والمباشِر - والمتسبب - والراضي"؛ ولذا نقول: كلٌ منهم سوف يسأل عند الله عما قدَّم، ولستُ بربٍ يعلم ما في الصدور حتى تسألني عن المجرم الأكبر أو مَن يقع عليه اللوم أكثر؛ إلا أن قواعد الشريعة تقتضي أن المباشر المنفذ هو الأعظم جرمًا، ثم الآمر، ثم المتسبب، ثم الراضي المقر؛ إلا أنه قد يعظم الإثم بالفرح بالذنب ويقل بكراهيته حتى من مُرتكبه، ويعظم بكثرة الذنب كمن قتل أنفسًا أو تسبب في قتلهم فهو أعظم ممن قتل نفسًا أو تسبب في قتلها.

وأول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، والسعيد من لقي الله وليس في عنقه دم امرئ مسلم بغير حق، ونسأل الله -تعالى- العافية.

2- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا) (متفق عليه)، وقوله: (إِذا قالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَهُوَ كَقَتْلِهِ) (رواه الطبراني، وصححه الألباني)، ولا أوافق ولا أرضى بتكفير "السيسي" وردته ولا غيره ممن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؛ إلا ببينة أوضح من شمس النهار على ارتكاب الردة الصريحة أو فِعْل فعلٍ لا يحتمل إلا الكفر، ثم استيفاء الشروط وانتفاء الموانع التي من أهمها: "الجهل - والتأويل - والخطأ في الاجتهاد"، وإن كان إثم القتل عظيمًا فإنه لا يكفر القاتل "فضلاً عن الآمر" ولو كان متعمدًا باتفاق أهل السنة، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) (متفق عليه)، هو في الكفر دون الكفر، أي الذي لا ينقل عن الملة.

وأما مسألة الطائرة اليهودية... فظن واحتمال، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ) (متفق عليه)، ثم إن إخبار العدو بخبر المسلمين لا يلزم أن يكون ردة كما وقع من حاطب -رضي الله عنه-.

فيا عجبًا للجرأة على التكفير بمجرد معلوماتٍ مستقاة من إعلام اليهود والغرب دون بينات!