تفجيرات الحسين... من المستفيد؟
كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فقد جاءت تفجيرات "حي الحسين" بالقاهرة لتعيد إلى الأذهان ذكريات مؤلمة استراح المسلمون من آلامها مدة من الزمن، ظننا وظن غيرنا أن تكرارها لم يعد احتمالاً قائماً! خصوصاً بعد مراجعات "الجماعة الإسلامية" وجماعة "الجهاد"، التي أوضحت قناعة من كانوا في الماضي يتبنون مثل هذه العمليات بانعدام الأساس الفقهي العلمي لها، بل بيـَّنت بطريقة جلية تحريم مثل هذه العمليات التي طالما أنكرتها "الدعوة السلفية" وقت وقوعها في الماضي من نحو خمسة وعشرين عاماً مضت، وبينت في مؤلفات ومحاضرات دعاتها -كـ"فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" و"فقه الجهاد في سبيل الله" و"مناهج التغيير"- ما في هذه العمليات من غدر ونقض لعهد الأمان الذي يدخل به السياح، ولو كانوا فجاراً أو كفاراً، إلا أنهم لم يدخلوا بلادنا بقوة سلاحهم، بل بأمان من المسلمين آحاداً ودولاً، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْمُسْلِمُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) رواه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد، وصححه الألباني مَنِ المحتمل أن يكون وراء هذه العمليات؟ ومَنِ المستفيد منها؟ وكيف يتم العلاج حتى لا تتكرر مرة أخرى؟ |
.
فأدنى المسلمين -ولو كان عبداً، أو امرأة، أو فاسقاً- إذا أجار كافراً حربياً، ودخل بلاد المسلمين بهذا الأمان؛ لم يجز لأحد إخفار ذمته، فضلاً عما تتضمنه هذه التفجيرات العشوائية من إصابة المعصومين من المسلمين الذين تعج بهم طرقات المسلمين وشوارعهم وأسواقهم، من المصريين وغيرهم، فهي إذن تقتل مسلمين معصومين بالإسلام، وكافرين معصومين بالعهد والأمان.
ولقد مثـَّلت هذه المؤلفات التي كانت تـُدرسها الدعوة لأبنائها في تلك المرحلة الأساسَ العلميَّ الذي بُنيت عليه حقيقةً -أو توصلت إليه في النهاية- مراجعاتُ "الجماعة الإسلامية" و"الجهاد"، وهذا من فضل الله على الإخوة في "الدعوة السلفية".
ولقد كانت هذه المؤلفات هي "الأخت الكبرى" لأُسُسِ هذه المراجعات في الجملة؛ إذ ولدت قبلها بخمسة عشر، أو عشرين سنة، وكانت هذه المراجعات سبباً عظيماً لمنع كثير من المنكرات، وما يترتب عليها من منكرات أعظم: مِنَ الصد عن سبيل الله، التضييق على الدعوة والدُّعاة، وأذية المسلمين في حرماتهم وأعراضهم وأموالهم، وتفتح باباً لعلاقة جديدة بين الاتجاهات الإسلامية وأجهزة الدولة، قلـًّت فيها أعداد المعتقلين، وتحسنت فيها أوضاع السجون، واختفت ممارساتٌ -أو كادت- كانت تمثل حِقبة مظلمة لن ينساها الكثيرون، ولا شك أن تَغَيُّراً قد طرأ بالفعل -وصار مشهوداً- في طريقة التعامل مع الحركة الإسلامية بصفة عامة، ولابد أن يسعى الجميع إلى زيادة الخير، وتقليل الشر في هذا الباب.
ولا شك أن استنكار "الجماعة الإسلامية"، ومراجعات "الجهاد" المُنـْكِرة -أيضاً- لهذه العلميات، مع الاستنكار القديم للاتجاهات الإسلامية القائمة؛ يجعلنا ويجعل كلَّ حريص على خير أمتنا وبلادنا يعيد التفكير في: مَنِ المحتمل أن يكون وراء هذه العمليات بطريق مباشر أو غير مباشر؟! ومَنِ المستفيد منها؟! وكيف يتم العلاج حتى لا تتكرر مرة أخرى؟
فالبعض يرجح احتمال كون "المخابرات الإسرائيلية" وراء هذه العمليات، ولو من خلال إغراء جهال أغرار من الشباب الذين لم يجدوا غير "النت" لتلقي علومه وثقافته، أو من خلال عملاء متمرسين في مثل ذلك، وكون اليهود يستفيدون من ذلك بإحداث الوقيعة وإيقاد الوقيعة والعداوة بين "الإسلاميين" و"الأنظمة الحاكمة"، وصب البنزين على نار لم تخمد نهائياً بعدُ، ثم بإظهار المجتمع المصري منقسماً متقاتلاً يعاني من أزمات لا حل لها إلا باجتثاث الإسلاميين، وسَنِّ التشريعات الحاسمة التي تقتلع "الإرهاب" و"التطرف" من جذوره، هذه الكلمات المطاطة التي طالما استخدمت عالمياً وإقليمياً لضرب الإسلام، واحتلال بلاد المسلمين، وانتهاك حرماتهم، واستعمال أبشع وسائل التعذيب ضد الأبرياء، والمجاهدين في سبيل الله -تعالى- المقاومين لاحتلال بلادهم، وغير ذلك من أنواع الصد عن سبيل الله. لما عَلِمَ العالَمُ جرائم اليهود التي زادت على جرائم النازية، التي طالموا تغنوا بها، وحلبوا أبقار العالم بالضغط عليها، حاولوا إظهار الإسلاميين في صورة سفاكي دماء |