الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 07 يونيو 2006 - 11 جمادى الأولى 1427هـ

المرأة سلاح ذو حدين... فأي الحدين أنتِ؟!

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلقد حظيت المرأة في القرآن الكريم بمزيد من الذكر والتحديد لصورتها بدءًا من زوجة آدم -عليه السلام- ومرورًا بأخبار زوجة نوح وإبراهيم ولوط -عليهم الصلاة والسلام-، وما وقع لأم موسى -عليه السلام- وزواج موسى من بنت الرجل الصالح، وذكر امرأة فرعون، وملكة سبأ، وامرأة عمران، واختصت مريم بنت عمران بمزيد من الذكر، وذكرت امرأة العزيز، وكذلك ذكر الله -سبحانه- زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- وبناته ونساء المؤمنين، وهذا كله يبين عظم شأن المرأة، وأنها تلعب دورًا مهمًا في المجتمع سلبًا وإيجابًا، فهي "سلاح ذو حدين".

ولقد علم الأعداء أن المرأة من أعظم أسباب القوة في المجتمع المسلم، وأنها قابلة لأن تكون أخطر أسلحة الفتنه والتدمير، قال محمد طلعت حرب: "إنه لم يبق حائل يحول دون هدم المجتمع الإسلامي في الشرق -لا في مصر وحدها- إلا أن يطرأ على المرأة المسلمة التحويل، بل الفساد الذي عم الرجال في الشرق".

فالمرأة تملك مجموعة من المواهب الضخمة الجديرة بأن تبني أمة وأن تهدم أمة، فعن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ) (رواه مسلم).

وعن أسامه بن زيد، وسعيد بن زيد -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِي النَّاسِ فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ) (متفق عليه).

وقد كان للمرأة المسلمة دور رائع في بناء الصرح الإسلامي، انتفعت فيه الأمة بهذا الحد النافع من سلاح المرأة في قرونها الخيرية، ثم لم تلبث أن تدهورت الأحوال شيئًا فشيئًا، وخرجت الأمة بالحد من سلاح المرأة، فانحراف المرأة أو الانحراف بالمرأة كان السبب الأول في أن حضارات عتيقة انهارت وتمزقت كل ممزق، ونزل بأهلها العقاب الإلهي والأوجاع والأمراض القاتلة، كما وقع قديمًا في اليونان والرومان والفرس والهنود وبابل وغيرها.

ومن هنا كانت المخططات التي رسمها الأعداء ترمي إلى شل المرأة المسلمة عن وظيفتها البناءة سلبًا، ثم الزج بها إلى مواقع الفتنة وتدمير الأخلاق تحت ستار خدَّاع من المصطلحات البراقة، كـ"التحرير" و"التجديد" و"التقدم"، وهذا أحد أقطاب المستعمرين يقول: "كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرقوها في حب المادة والشهوات".

وقال أحد كبراء الماسونية: "يجب علينا أن نكسب المرأة فأي يوم مدت إلينا يدها؛ فزنا بالحرام، وتبدد جيش المنتصرين للدين".

لقد عز عليهم أن تجود المرأة المسلمة على أمتها كما جادت من قبل بالعلماء العاملين والمجاهدين الصادقين فصار همهم أن يعقموها أن تلد مثل عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وعائشة بنت الصديق وسمية بنت خباط وأسماء والخنساء -رضي الله عنهم جميعًا- وصلاح الدين الأيوبي، لقد ظلت المرأة المسلمة طيلة القرون الخالية مصونة متربعة على عرشها تارة داخل مصنع رهبان الليل وفرسان النهار، تهز المهد بيمينها وتزلزل عروش الكفر بشمالها، فراح أعداؤها يحيكون المؤامرة تلو المؤامرة وينصبون لها الشباك.

والحديث عن المرأة لا ينتهي؛ لأنها نصف البشرية وتلد النصف الآخر، لا وليس فقط تلده، بل تتعهده وتربيه وتوظفه؛ لتخرج للمجتمع الكل وليس الجزء.

ولكن المؤلم في هذا أن المرأة قد رضيت أن تؤلف نقطة الضعف في كيان الأمة والثغرة التي تؤتى الأمة من قبلها، ملقية بزمامها إلى التيار يقذف بها حيث اتجهت، وسارت دون أن تفكر بالمقاومة، وأصبحت كل طاقتها موجهه للاندفاع وراء هذا التيار.

وبلغ الاستخفاف بها مداه حيث صوروا لها أنها بهذا المسلك ترتفع إلى أعلى وأعلى، ولم تفطن إلى أنها في حقيقة الأمر قد صارت كالكرة الطائرة تتقاذفها أيدي اللاعبين، فتهادى في كل اتجاه، ولعلها مع ذلك لو نطقت؛ لفاخرت بأنها ترفع على أكف المعجبين إلى عليين!