من نور السنة... التبشير عند الخطوب (1)
كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فعن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ. قَالَ: وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِي مَكَانٍ مِنَ الخَنْدَقِ، لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ. قَالَ: فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ عَوْفٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَضَعَ ثَوْبَهُ، ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ، فَقَالَ: (بِاسْمِ اللهِ) (الأنعام: 115). فَضَرَبَ ضَرْبَةً، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، وَقَالَ: (اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا) ثُمَّ قَالَ: (بِاسْمِ اللهِ)، وَضَرَبَ أُخْرَى، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: (اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ، وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا) ثُمَّ قَالَ: (بِاسْمِ اللهِ)، وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: (اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا) (أخرجه أحمد في مسنده، أول مسند الكوفيين، حديث البراء بن عازب، والنسائي في سننه، وحسنه ابن حجر في الفتح، والألباني في صحيح النسائي).
التعريف بالراوي: هو البراء بن عازب -رضي الله عنهما-، هو وأبوه صحابيان، غزا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمس عشرة غزوة. ومُسنده ثلاثمائة وخمسة أحاديث، له في الصحيحين: اثنان وعشرون حديثًا، انفرد البخاري بخمسة عشر حديثًا، ومسلم بستة. نزل الكوفة وتُوفي بها -رضي الله عنه- سنة ( 71 هـ). وقيل ( 72 هـ).
غريب الحديث:
المِعول: بكسر الميم: المِسحاة، وهي حديدة يُنقر بها الجبل.
والمدائن: اسم مدينة ملك الفرس، سُميت بذلك لكبرها.
فوائد الحديث:
1- هذا الحديث دليل ظاهر لنبوة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، ومعجزة ظاهرة له ولدينه، إذ وقع الأمر على ما أخبر؛ ففي أيام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأيام أبي بكر فُتحت اليمن، وفي رجب سنة أربع عشرة فٌتحت الشام، وفي صفر سنة ست عشرة فُتحت المدائن.
وفى حديث سفيان بن زهير عند البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر فتح هذه البلاد الثلاثة على الترتيب: اليمن ثم الشام ثم العراق، ووقع على ما أخبر، كما ذكر ذلك النووي وابن حجر -رحمهما الله-.
2- وفيه: تأييد الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- بالمبشرات.
3- وفيه: هدي عظيم من هديه -صلى الله عليه وسلم-، ونور من نور بيانه وإرشاده، وهو التبشير عند شدة الخطوب؛ فقد أمره الله -تعالى- بتبشير المؤمنين فقال: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (البقرة: 223)، (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا) (الأحزاب:47).
وللحديث بقية -إن شاء الله-.