الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 29 أغسطس 2024 - 25 صفر 1446هـ

غزة رمز للعزة (15) قوات الاحتلال تدمر المنظومة الصحية في قطاع غزة

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فلم تكتفِ قوات الاحتلال الإسرائيلية بكل ما ارتكبته من جرائم حرب وحشية لا مثيل لها في التاريخ الحديث ضد المنشآت والمباني الحكومية، والمدنية، والبيوت، وأبراج المدنيين السكنية وممتلكاتهم، والمدارس بأنواعها، والجامعات، والمساجد في قطاع غزة بأكمله من شماله إلى جنوبه، في وحشية غير مسبوقة تدل على اللا مبالاة بالقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية، والقوانين والأعراف الدولية منها والإنسانية! 

بل قامت كذلك تلك القوات الهمجية باستهداف ومهاجمة منشآت المنظومة الصحية في قطاع غزة بأكمله، ومنعها من القيام بالمطلوب منها لإنقاذ وإسعاف الجرحى والمصابين من جراء الاعتداءات العسكرية الوحشية المتواصلة جوًّا وبحرًا وبرًّا على سكان القطاع، والتي خلَّفت وراءها عشرات الآلاف من المدنيين القتلى ومئات الآلاف من الجرحى والمصابين الذين يحتاجون وبصورة عاجلة إلى الإسعافات السريعة الطارئة لإنقاذ حياتهم المهددة بالضياع؛ فضلًا عن علاج مئات الألوف من المرضى أصحاب الأمراض الطارئة والمزمنة، ومنهم الكثيرون ممن يحتاجون إلى الحجز في عنابر المستشفيات أو إلى إجراء العمليات لإنقاذ أرواحهم أو إزالة أوجاعهم ومعاناتهم؛ فضلًا عن حالات الولادة ومتابعة الحمل لعشرات الآلاف من الفلسطينيات الحوامل في القطاع، وهذه أبسط الحقوق المدنية لأي شعب سواء كانت تحت الاحتلال العسكري أو بدونه والتي لا يقبل أي تهاون فيها أو منع لها حتى في ظروف الحروب العسكرية أو الصراعات والنزاعات المسلحة. 

وقد ضربت قوات الاحتلال بكل تلك الحقوق عرض الحائط ولشهور طويلة في جرائم حرب متعمدة هدفها الواضح الانتقام والتشفي من شعب غزة الصامد المتطلع إلى إقامة دولته المستقلة الحرة على أرضه، بل ومارست تلك القوات -وبقوة غاشمة- أعمال عقاب وإبادة جماعية ضد كل السكان الفلسطينيين في القطاع تحت ستار صراعها مع حركة حماس ومنظمات المقاومة الفلسطينية.

ولكون تلك الجرائم البشعة التي لا مثيل لها تتم تحت أعين وسمع العالم بأسره ويصعب سترها وإخفاؤها كلها بالكلية؛ فقد مارست إسرائيل الأكاذيب المعتادة منها للتبرير غير المقبول -مهما كانت دوافعه- لما تقترفه من حصار وجرائم في حق المنظومة الصحية لقطاع غزة، تارة بزعم أن هذه المنشآت والمستشفيات يوجد تحتها أنفاق يعيش فيها رجال المقاومة الفلسطينية، وتارة بزعم أنها لم تقصف أو تهاجم تلك المنشآت الصحية والمستشفيات، أو أنها قصفتها بالخطأ، أو تنسب ما تعرضت له تلك المستشفيات أنه من إصابات من فعل رجال المقاومة الفلسطينية خلال استهدافهم للقوات الإسرائيلية المقتحمة لقطاع غزة والمنتشرة فيه، وتارة بزعم أن استهداف قوات الاحتلال لتلك المنشآت والمستشفيات تم لكون رجال المقاومة الفلسطينية يتخذون منها مراكز للقيادة أو الاختفاء أو تخزين السلاح، وهي المزاعم التي ثبت كذبها بعد ذلك -كذبًا لا شك فيه- بعد تدمير ما تم تدميره من هذه المنشآت الصحية والمستشفيات، وبعد التوغل فيها واقتحامها واحتجاز واعتقال كل من كان فيها، من: أطقم طبية وعمال وتمريض، وجرحى ومصابين ومرضى، ومدنيين نازحين اختبأوا فيها؛ رجاء أن تحميهم من بطش قوات الاحتلال، وهم الذين تركوا بيوتهم بعد تعرضهم للقصف والقتل والقنص، ليُجبروا من جديد على عدم الخروج من تلك المستشفيات بالحصار العسكري، ثم تعرضوا للحجز والاعتقال والتحقيق معهم على ما في ذلك كله من تعطيل لهذه المستشفيات والمنشآت بالكامل عن العمل وأداء المطلوب منها، في ظل ظروف القطاع الصحية الحرجة للغاية، واحتياج سكان القطاع الشديد لجهود هذه المنظومة الصحية، في استهانة واضحة من قوات الاحتلال بإنقاذ أرواح عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء المهددين بالموت، ولامبالاة -غير مسبوقة- لرفع المعاناة التي يكابدونها من جراء العدوان العسكري الإسرائيلي المتواصل عليهم بلا انقطاع ولعدة شهور.

لقد شهدت المنظومة الصحية في قطاع غزة من الأسابيع الأولى للعدوان وطوال شهور متواصلة بعدها صورًا غير مسبوقة من جرائم الحرب والإبادة التي قامت وتقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية والتي لا يوجد لها مثيل، ومنها:

- قطع الغاز والوقود عن القطاع الصحي ولشهور طويلة مما ترتب عليه وقف عمل الأجهزة الطبية جميعها، وتوقف العمل في غرف العمليات والاستقبال والطوارئ؛ مما أودى بحياة الكثير من الحالات المحتاجة للغسيل الكلوي نتيجة نقص الكهرباء اللازمة لتشغيل ماكينات غسيل الكلى لنقص وقود مولدات الكهرباء، وكذلك وفاة الكثير من الأطفال حديثي الولادة والمبتسرين (الخداج) لتعطل تشغيل حضانات المستشفيات.

ومع تدهور الأوضاع داخل المنظومة الصحية ذكر مدير مستشفى الشفاء في غزة د. محمد أبو سلمية: "أن الأطباء يقومون بلف الأطفال الخدج بورق الألمونيوم ووضعهم بجوار الماء الساخن، في محاولة يائسة منهم لإبقائهم على قيد الحياة في الظروف الكارثية التي يمر بها أكبر مستشفى في القطاع". 

وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مع منتصف شهر نوفمبر 2023 عن وفاة 6 أطفال خدج و9 مرضى في المستشفى بسبب نفاد الوقود وخروج أقسامه عن الخدمة نتيجة حصار القوات الإسرائيلية له. وقال د. أبو سليمة لـ(سي إن إن) الأمريكية: "لم يعد هناك ماء أو طعام أو حليب للأطفال الرضع... الوضع في المستشفى كارثي" (انظر جريدة الأسبوع - عدد 5 فبراير 2024، ص 3، نقلا عن شبكة (سي إن إن) الأمريكية في 11 نوفمبر 2023)

وقال مدير مستشفى الشفاء أيضا لوكالة الصحافة الفرنسية: "إن 179 جثة على الأقل دفنت الثلاثاء في قبر جماعي بموقع المؤسسة الاستشفائية، موضحا أن بينهم 7 أطفال خدج توفوا جراء انقطاع الكهرباء، وقال: اضطررنا إلى دفنهم في قبر جماعي. مشيرًا إلى أن جثثًا تنتشر في ممرات المستشفى، والكهرباء مقطوعة عن برادات المشارح بعد منع دخول الوقود منذ السابع من أكتوبر" (المصدر السابق نقلًا عن وكالة الصحافة الفرنسية في 14 نوفمبر 2023).

وقد ذكرت منظمة الصحة العالمية: أن هناك تلالًا من النفايات في شوارع غزة بسبب نقص الوقود اللازم لجمع تلك النفايات، مما يهدد بانتشار الأوبئة؛ هذا إلى جانب توقف الاتصالات وانقطاع شبكة النت بالكامل، وبالتالي عزل قطاع غزة تمامًا عن العالم الخارجي.

- قطع المياه عن القطاع ولشهور طويلة مما ترتب عليه فقد دائم لمياه الشرب، وفقد القدرة على أعمال التنظيف والتطهير لشح المياه عامة والمياه النظيفة خاصة؛ خاصة في غرف العمليات وغرف العناية المركزة وغرف الاستقبال وعنابر المستشفيات التي يتم فيها حجز المرضى والحوامل المحتاجين للرعاية الطبية الدائمة، كما أن نقص الوقود أوقف تشغيل المرافق الأساسية في قطاع غزة مثل محطات تحلية المياه ومحطات ضخ المياه، مما ألجأ أكثر السكان في قطاع غزة إلى مصادر للمياه غير صالحة للشرب، بما في ذلك المياه عالية الملوحة والمياه العسرة من الآبار الزراعية، بما يهدد الصحة العامة في القطاع، كما أن محطات معالجة مياه الصرف الصحي الخمس في غزة قد توقفت تمامًا عن العمل بسبب نقص الوقود، مما أدى خلال أول شهرين من العدوان إلى تصريف أكثر من 120 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي في البحر مما يعرض مياه البحر للتلوث.

وقد عرضت تلك الأوضاع المأساوية البيئة في قطاع غزة لمأساة متزايدة وكارثة بيئية غير مسبوقة:

- حيث تم تدمير البنية التحتية والبيئية والأراضي الزراعية، مع تشديد الإغلاق والحصار على قطاع غزة، وقطع الإمدادات من الكهرباء والوقود والمياه والطعام والغذاء والأدوية وسائر المستلزمات الطبية، وما نجم عن ذلك من تبعات وآثار على الصعيد البيئي والصحي والاجتماعي.

- تراكم كميات هائلة من النفايات الصلبة والسائلة والمخلفات الطبية ومخلفات المياه والصرف الصحي وغيرها من المخلفات بأنواعها، والتي تعذر نقلها أو التخلص منها، والتعرض لكل ما ينتج عنها من تلوث للبيئة وروائح كريهة تعد بيئة خصبة لانتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة، وتنذر بكارثة صحية في القطاع.

- تراكم مخلفات المنشآت والمباني المدمرة بأنواعها، ومنها ما يرقد تحتها مفقودون وقتلى تعذر إخراجهم من جراء القصف المتواصل.

- بقايا جثث وأشلاء قتلى تعذر نقلهم أو دفنهم بسبب أعمال القصف والقنص التي تقوم بها قوات الاحتلال والقناصة الإسرائيليين، ومنها جثث تعرضت لنبش الكلاب والحيوانات الضالة.

- تأثر البيئة خاصة الهواء والأراضي الزراعية ومصادر المياه بآلاف الأطنان من نواتج المتفجرات والصواريخ المحتوية على المواد السامة والعناصر المعدنية الثقيلة الخطرة على الصحة العامة، إلى جانب استخدام الأسلحة المحرمة دوليًّا والتي لها تأثيرات بالغة الخطورة على الهواء والتربة ومصادر المياه، ويعد ذلك انتهاكًا صريحًا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 المتعلقة بحماية السكان المدنيين وقت الحروب، والتي ينص البروتوكول الأول منها على حظر استخدام وسائل أو أساليب قتال يقصد بها أو يتوقع منها أن تلحق بالبيئة الطبيعية أضرارًا بالغة وواسعة الانتشار وطويلة المدى. وهو ما تقوم به قوات الاحتلال بشكل متعمد ومتكرر؛ خاصة ما تحتويه هذه الصواريخ التي أطلقت بكميات كبيرة على القطاع من مواد كيميائية عديدة ضارة منها الفسفور الأبيض، والذي كما يقتل البشر فهو يضر بشدة كل ما يقابله من مواد في الأرض والجو والمياه، وهذه المواد الكيميائية الضارة تتسرب أيضًا إلى التربة الزراعية ومصادر المياه الجوفية فتلوثها وتجعلها غير صالحة للاستخدام البشري بعد ذلك.

- منع إمدادات الأدوية والمساعدات والوسائل الطبية عن القطاع ولشهور طويلة، وما ترتب عليه من نقص أو توقف لأعمال مداواة وعلاج المرضى والجرحى والمصابين، وأثر ذلك سلبيًّا على القيام بالعمليات الجراحية اللازمة؛ مما أودى بحياة الكثيرين، خاصة مرضى السرطان وأصحاب الأمراض المزمنة، ويهدد بتفشي الأمراض المعدية والأوبئة في القطاع بأكمله.

- منع الإمداد بالطعام والغذاء لشهور طويلة، واستخدام هذا التجويع لأكثر من 2 مليون من سكان القطاع، مما نتج عنه حدوث أوضاع مأساوية للغاية، أثرت على حياة سكان القطاع وعرضتهم لأمراض سوء التغذية والموت عطشًا وجوعًا؛ خاصة الأطفال والمرضى أصحاب الأمراض المزمنة والحوامل وكبار السن.

- قصف وتدمير سيارات الإسعاف المكلفة بنقل الجرحى والمصابين سريعًا إلى المستشفيات لإنقاذ أرواحهم، مما أسفر عن تدمير كلي وجزئي لمعظم سيارات الإسعاف في القطاع وقتل من فيها، ومنع المصابين فيها من الوصول إلى أماكن العلاج، ومنع تشغيل القليل المتبقي منها إما خوفًا من القصف والتدمير أو لنفاد الوقود اللازم لتشغيلها.

- فرض الحصار العسكري المحكم على تلك المستشفيات ومنع الدخول إليها والخروج منها، ومباشرة أعمال القنص والقتل بلا تمييز لمن يقترب من أبواب المستشفيات من الخارج للدخول فيها أو من الداخل للخروج منها، ثم اقتحامها بالقوة المسلحة، واحتجاز كل من كانوا فيها، والتحقيق معهم، واعتقال البعض منهم واقتيادهم إلى جهات مجهولة. 

وأخيرًا: تنتهي هذه المشاهد بنهاية شنيعة باستخدام الجرافات في دفن عشرات القتلى والموتى الفلسطينيين من الهيئات الطبية ومن المرضى ومن المدنيين في مقابر جماعية داخل وحول هذه المستشفيات بعد الانسحاب منها.

استهداف أهم مستشفيات القطاع:

كانت غالبية المستشفيات في قطاع غزة قد خرجت من الخدمة عمليا بعد 38 يومًا من العدوان على غزة؛ حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة أن كل المستشفيات في شمال غزة أصبحت الآن خارج الخدمة:

- فمع مرور أسبوعين فقط على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وقبل القيام بالتوغل البري في القطاع قام الطيران الإسرائيلي -وبدم بارد- بقصف مستشفى المعمداني -التابع للكنيسة الأسقفية الإنجليكانية في القدس- والذي يعد من أقدم المستشفيات في غزة؛ مما أسفر عن سقوط المئات من القتلى والجرحى داخل المستشفى في مجزرة بشعة أدانتها بشدة المنظمات والمؤسسات الدولية التي طالبت بالتدخل الفوري لوقف هذه المجازر البشرية، وطالبت بفتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيق عاجل بشأنها؛ خاصة وأن إسرائيل سبق لها التوقيع على ميثاق روما، مما يمد اختصاص هذه المحكمة إلى تلك الأراضي تحت الاحتلال الإسرائيلي.

- ومع بداية توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي البري في شمال قطاع غزة داهمت تلك القوات مجمع الشفاء الطبي واجتاحته في الخامس عشر من نوفمبر 2023، حيث سيطرت عليه بالكامل بعد قصف جوي ومدفعي عنيف إطلاق لنيران كثيفة داخل غرف وأروقة المستشفى في وجود الكوادر الطبية والعاملين بالمستشفى والمرضى، مع قصف محيط المستشفى قصفًا طال عدة مبان ومنازل أخرى حول المستشفى، إلى جانب محاصرة الشوارع والأحياء السكنية المجاورة، مع عدم الاكتراث بحياة المدنيين، وتكررت تلك المداهمات للمستشفى بعد ذلك عدة مرات مخلفة بعد كل مداهمة وراءها -بلا أدنى مبالاة- أعدادًا من المدنيين القتلى والجرحى. وتعد اقتحامات هذا المجمع الطبي بالدبابات وقصفه بالطائرات وبالمدفعية جريمة حرب مكتملة الأركان مهما كانت الدوافع والمبررات، وهو ما علق عليه منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي بقوله: إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة حولت القطاع إلى أكبر مقبرة مفتوحة في العالم بعد أن كان قبل الحرب أكبر سجن مفتوح.

- ونظرًا لتعرض المجمع لتلك الأوضاع المأساوية فقد تم إجلاء العشرات من الأطفال المبتسرين (الخداج)، والحالات الحرجة إلى خارج المستشفى وإرسالهم بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية إلى معبر رفح على أمل نقلهم إلى مصر عبر المنفذ الحدودي هناك بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية. "وقد أكد مدير المستشفيات في قطاع غزة (محمد زقوت) في 19 نوفمبر 2023 إجلاء 31 من الأطفال الخدج من مستشفى الشفاء الكبير في قطاع غزة الذي كان الجيش الإسرائيلي وجه إنذارًا بإخلائه". 

وقال زقوت: "تم إجلاء جميع الأطفال الخدج من مستشفى الشفاء وعددهم 31 طفلًا ومعهم 3 أطباء وممرضين"، مضيفًا: "تجري الترتيبات لنقل الأطفال إلى مصر عبر معبر رفح الحدودي بعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بنقلهم وعلاجهم في مصر" (انظر: جريدة الأسبوع - عدد 18 مارس 2024، ص 3).

وفي وقت لاحق أفادت قناة القاهرة الاخبارية التليفزيونية بأن سيارات إسعاف مصرية مجهزة عبرت معبر رفح لنقل الأطفال الخدج إلى الجانب المصري من أجل تلقي الرعاية الصحية. وكان المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة (منير البرش) قد أكد أن الطواقم الطبية والجرحى والنازحين أجبروا قسرا تحت تهديد السلاح على إخلاء مجمع الشفاء الطبي. (انظر: المصدر السابق).

"وفي 18 نوفمبر 2023 نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرًا حول ادعاءات إسرائيل عن وجود مقر قيادة حماس أسفل مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، وقالت الصحيفة: إن أدلة الجيش الإسرائيلي أقل بكثير من أن تكون قادرة على إثبات أن مستشفى الشفاء مقر رئيس لحماس كما ادعت. وجاء في التقرير أنه قبل اقتحام مجمع الشفاء الطبي بذلت السلطات الإسرائيلية جهودًا كبيرة لتصوير المجمع بوصفه مقرا لحركة حماس حيث تم التخطيط لهجماتها على إسرائيل، لكن الأدلة المقدمة حتى الآن أقل بكثير من أن تثبت ذلك بحسب التقرير، ولم تظهر مقاطع فيديو الجيش الإسرائيلي سوى مجموعات متواضعة من الأسلحة الصغيرة، معظمها بنادق هجومية تم انتشالها من المجمع الطبي الواسع" (انظر: جريدة الأسبوع - عدد 4 مارس 2024، ص 3)

وفي "تحليل أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن اللقطات التي بثها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التي تظهر الاكتشاف الواضح لحقيبة تحتوي على مسدس خلف جهاز مسح التصوير بالرنين المغناطيسي، تم تسجيلها قبل ساعات من وصول الصحفيين وعرضها عليهم". 

وأشار أيضًا تقرير الجارديان "إلى أن هناك تساؤلات حول مدى اعتماد العرض التصويري للشبكة تحت مجمع الشفاء على ما عرفته إسرائيل بالفعل. وكان المهندس المعماري الخاص بها قد بنى منطقة سفلية واسعة هناك في المرة الأخيرة التي احتلت فيها إسرائيل غزة بشكل مباشر حتى عام 2005". وأضافت: "أن كل هذه الأمور مهمة بموجب اتفاقيات جينيف، التي تحظر العمليات العسكرية ضد المستشفيات ما لم تستخدم في ارتكاب أعمال ضارة بالعدو خارج نطاق واجباتها الإنسانية، وهذا الاستثناء المنصوص عليه في المادة 19 من اتفاقية جينيف الرابعة ينص على وجه التحديد على ما يلي... إن وجود أسلحة صغيرة وذخائر مأخوذة من هؤلاء المقاتلين ولم يتم تسليمها بعد إلى الخدمة المناسبة، لا يعد من الأعمال الضارة بالعدو" (المصدر السابق).

- وقد بلغ مع منتصف شهر نوفمبر 2023 عدد الشهداء من الكوادر الطبية 148 شهيدًا طبقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ما بين طبيب وممرض ومسعف، كما استشهد 22 من رجال الدفاع المدني و51 صحفيًّا، بينما بلغ وقتها إجمالي عدد الشهداء 11320 شهيدًا، بينهم 4650 طفلًا و3145امرأة، بينما بلغ إجمالي عدد المصابين 29200 مصابًا، أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال.

وقد أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي (نتن ياهو) بتصريحات وقتها خلال زيارته لجنود الاحتلال على حدود غزة قال فيها: "هذه ليست مجرد عملية، إنها حرب، ولن يكون وقف لإطلاق النار الآن"؛ هذا في الوقت الذي رفض مجلس الأمن مرتين بسبب الفيتو الأمريكي مشروعي قرارين من روسيا يدعوان لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقد أصدر الأزهر وقتها بيانًا شديد اللهجة جاء فيه: "إن إسرائيل تستعرض جبروتها على الأطفال والمرضى، وارتكبت من الجرائم ما تعف عنه الحيوانات في الأدغال". 

وقال البيان: "إن إرهاب إسرائيل وعزلها قطاع غزة بالكامل، ومنع الوقود والمستلزمات الطبية عن المستشفيات تسبب في خروج عدد كبير منها من الخدمة، ووفاة مرضى الرعاية المركزة وأطفال الحضانات بمستشفى الشفاء". 

ودعا الأزهر من سماهم (أحرار العالم) والهيئات والمؤسسات الدولية لكسر هذا الحصار اللا إنساني الذي تفرضه إسرائيل على المستشفيات والمراكز الطبية، مؤكدا أنه يحمل مسئولية هذه الجرائم الشنيعة لكل من يدعم إسرائيل سواء بالتأييد أو الصمت. (جريدة الأسبوع عدد 5 فبراير 2024: ص3، نقلا عن وكالات الأنباء في 13 نوفمبر 2023).

- قيام قوات الاحتلال باستهداف وقصف المستشفى الإندونيسي في 20 نوفمبر 2023؛ مما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات، أعقب ذلك محاصرة المستشفى والتمهيد لاقتحامه وطرد من فيه من الطواقم الطبية والمرضى والجرحى والنازحين تحت تهديد السلاح، ضمن مسلسل الاعتداءات على المستشفيات.