الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 06 أغسطس 2024 - 2 صفر 1446هـ

نصائح وضوابط إصلاحية (8)

كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

ثانيًا: الأسباب العقلية: 

سيجد المتأمل أن جلَّ سلبيات العمل الفردي أو العمل عبر المجموعات الوسيطة، يعالجها العمل المؤسسي الإصلاحي الجماعي، فالعمل المؤسسي من أهم مميزاته أنه:

1- أدعى لاستمرارية الأعمال التطوعية الكفائية؛ لأن العمل وقتها لا يتوقف على فرد؛ فيموت بموته، أو يمرض بمرض، أو يسافر بسفره.

2- العمل المؤسسي يمكننا من القيام بأعمال لا يستطيع الفرد وحده أن يقوم بها (كإقامة صلوات الجمع والأعياد، وجمع الصدقات وتوزيعها على الفقراء، وتعليم الصبيان والشباب والنساء، والمدافعة التشريعية عبر العمل البرلماني، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحمل هموم الناس في تحسين الأحوال المعيشية، إلخ).

3- العمل المؤسسي يفجر الطاقات ويوجه إلى حسن استغلال الإمكانيات؛ لأنه يتطلب تأثيرًا في مساحات متعددة، فيجد كل واحد له دور يخدم فيه دينه ووطنه وأمته.

4- العمل المؤسسي يهذب سلوك الأفراد ويعلمهم التنازل عن آرائهم لرأي المجموع.

5- العمل المؤسسي يتيح للفرد فرصة التعامل مع أنماط مختلفة من الشخصيات داخل فِرَق العمل المختلفة مما يكسبك القدرة على التعامل مع أنماط المجتمع المختلفة، والتأثير الإيجابي في أصناف كثيرة من الناس، فتزيد دائرة التأثير الإصلاحي المطلوب.

6- العمل المؤسسي يعين الفرد على اكتساب صحبة الخير، ويحميه من الفتور والإحباط و الانتكاس.

ثالثًا: حكم العمل المؤسسي الإصلاحي التعاوني:

بناءً على ما سبق ذكره من الأدلة العقلية والشرعية، فحكم العمل المؤسسي الإصلاحي الجماعي أنه مشروع، ودرجة المشروعية هي طبقًا للتفصيل الآتي:

- إذا كان الأمر واجبًا، ومتى تُرك التعاون على إقامته ضاع؛ فالتعاون عليه واجب.

- متى كان مستحبًا فالتعاون عليه مستحب؛ إلا إذا كان في ضياع هذا المستحب ضياع لواجب آخر، فيكون التعاون عليه واجب (كأن يتسبب القائمين على المسجد في ترك الناس لصلاة العشاء -مثلًا- في رمضان؛ لعدم تعاونهم في ضبط صلاة التراويح).

- بل قال بعض أهل العلم بوجوب العمل المؤسسي الجماعي انطلاقًا من القاعدة الفقهية: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، وقالوا: رقعة العالم الاسلامي قد اتسعت، والواجبات الكفائية قد كثرت (كنشر العلم ودحض الشبهات، ومعالجة الأمراض والبدع التي أُصيبت بها الأمة، والعمل على مدافعة الأعداء والماكرين بالأمة بكلِّ صور الممانعة العلمية والمجتمعية، والتشريعية والسياسية المتاحة، إلخ)، وكل هذه الأغراض والواجبات لا يقدر -ولن يقدر- على القيام بها فرد أو مجموعة أفراد متناثرة، أو حتى الحكام المسلمين بوضع البلاد الإسلامية الحالية، وبالموازنات السياسية العديدة التي يتم مراعاتها طبقًا للضغوطات الدولية؛ لذلك لا بد أن يجتمع الدعاة والعلماء في كيان واحد إصلاحي أو كيانات إصلاحية متعددة تقوم على سد تلك الثغور، والقيام بتلك الواجبات.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.