كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن الأسباب الشرعية الداعية لإقامة العمل الجماعي:
2- العمل المؤسسي الإصلاحي التعاوني هو استجابة لأمر النبي --صلى الله عليه وسلم--؛ فقد وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذلك كما في حديث: (إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وقد استدل شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الحديث، وكذلك الإمام الشوكاني على أن إمارة العشرات أو المئات أو الآلاف من الدعاة المجتمعين على عمل دعوي أولى وأعظم شأنًا من إمارة ثلاثة في سفر؛ فهذا الحديث في أقل جمع لمصالحهم الخاصة، فمصالح الأمة المتعددة الأفراد أولى وأولى.
كما أن الأمر هنا أوسع أيضـًا من مجرد التأمير، بل هو توجيه للترتيب والتنظيم والتطاوع اللازم لتحقيق المصالح، ويشهد لذلك خطاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهما- لما أرسلهما لليمن لدعوة الناس -وهما أقل من ثلاثة- حيث قال لهما: (تَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا) (متفق عليه).
3- العمل المؤسسي الإصلاحي التعاوني هو اقتداء بفعل الأنبياء؛ فقد طلب موسى -عليه السلام- وهو من أولى العزم من الرسل من ربه أن يدعمه بأخيه هارون كما جاء ذلك في كتاب الله: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي . هَارُونَ أَخِي . اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي . وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي . كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا . وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا) (طه: 29-34).
4- أن العمل المؤسسي الإصلاحي التعاوني هو سلوك الصحابة -رضي الله عنهم-؛ فقد كان هذا مرتكزًا في حسهم وديدنهم لحفظ مصالح الأمة، كما حدث ذلك منهم في غزوة مؤتة، وهي من أوضح الأدلة على مشروعية هذا الأمر، فالصورة في هذه الغزوة: جماعة من المسلمين يقومون بفرض من فروض الكفايات، وهو قتال العدو، والاتصال بينهم وبين الإمام العام منقطع، وقد قُتِل القادة الثلاثة؛ فهذه الحالة كحالة غياب الإمام، فماذا فعلوا؟
اصطلحوا على أن يؤمروا عليهم أحدهم، ويتعاملوا مع هذا الموقف بصورة مؤسسية، فأمروا خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، وقام خالد بتنظيمهم ليتمكن من مدافعة الروم والانسحاب بما تبقى من المسلمين حفاظًا عليهم، ولم يقوموا بالقتال أو الانسحاب فرادى بعد موت القادة الثلاثة، وقد أقرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، بل وسمَّى ذلك فتحًا.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.