كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فتقوم أنشطة سلطات الاحتلال الصهيوني على محورين لتقوية قدرتها على ابتلاع أرض فلسطين، هما:
- تزايد أعداد المهاجرين اليهود من شتى بقاع العالم إلى أرض فلسطين، مع تناقص نسبة الوجود العربي الفلسطيني فيها.
- تزايد بناء المستوطنات الصهيونية؛ خاصة في الجزء الشرقي من مدينة القدس، وفي الضفة الغربية.
ومن المعلوم أن التواجد اليهودي في فلسطين في القرون الميلادية الوسطى كان محدودًا جدًّا رغم كل ما عناه اليهود من اضطهاد في أكثر من دولة أوروبية، وهذا الاضطهاد في الغالب ناتج عن أفعال اليهود الإجرامية وغير الأخلاقية مما يكره الشعوب فيهم؛ إذ كان وجودهم لا يزيد عن بضع مئات من الأشخاص وفقًا لتقديرات الرحالة الغربيين الذين زاروا الأماكن المقدسة بين القرنين الثاني عشر والقرن الخامس عشر. وعندما تعرَّض اليهود لاضطهاد الإسبان وحدثت هجرة جماعية كبيرة لليهود من إسبانيا إلى خارجها، انتقل نفر قليل من هؤلاء اليهود الإسبان إلى فلسطين؛ إذ انتقلت الغالبية منهم إلى دول أوروبية أخرى، وإلى بلاد البلقان.
وحتى عام 1880 وقبل ظهور الحركة الصهيونية في أوروبا لم يكن يوجد في فلسطين إلا نحو 25 ألف يهودي من أصل سكان فلسطين وقتها، والبالغ تعدادهم آنذاك 600 ألف نسمة، وأكثر هؤلاء اليهود كانوا من اليهود العرب لا من اليهود الأوروبيين.
وقد ارتبطت بدايات الهجرة اليهودية الجماعية إلى فلسطين في مطلع القرن العشرين الميلادي بإقامة مستوطنات (مستعمرات) لتوطين اليهود فيها، أي: أن هذه الهجرة أخذت شكل التملك والاستيطان وطابع التهويد؛ إذ قام اليهود القائمون عليها بتهويد الملكية ورأس المال والأيدي العاملة، كما منعت أيضًا الوكالة اليهودية هؤلاء اليهود المهاجرين إلى فلسطين ويعيشون في تلك المستوطنات من بيع أراضيها مطلقًا، كما قصرت العمل في مشروعاتها الزراعية فيها على اليهود دون غيرهم.
بدأت الموجة الأولى من الهجرة اليهودية الجماعية إلى فلسطين بين عامي: 1882 و1904 برعاية البارون اليهودي ورجل الأعمال (أدمون دو روتشيلد) ثم برعاية البارون (موريس دو هيرش)، إذ تزعَّم هؤلاء اليهود من رجال الأعمال في تلك الفترة إنشاء مستعمرات لليهود في فلسطين.
فالاستيطان إذًا هو السلاح القديم الذي استخدمه اليهود قبل وبعد الحركة الصهيونية لتثبيت التواجد اليهودي في أرض فلسطين؛ سواء قبل أو بعد عام 1948، أي: قبل قيام دولة إسرائيل وبعدها، وهو أيضًا ما زال سلاحها حاليًا لتثبيت التواجد اليهودي المحتل في فلسطين، فالاستيطان هو إستراتيجية صهيونية أساسية قديمة، إن الاستيطان هو الصهيونية.
مستعمرات لا مستوطنات:
ومما ينبغي التنبه إليه أن اسم (مستعمرة) أو (مغتصبة) هو الأقرب في الدلالة من اسم (مستوطنة)؛ إذ إن كلمة مستوطنة تعني اتخاذ المكان وطنًا، وهي كلمة لها دلالة تاريخية عند الغرب الأوروبي، إذ تعني أن هناك أرضًا بلا شعب أو سكان يتخذها المستوطنون وطنًا لهم، وهو ما تحرص الحركة الصهيونية على الترويج له منذ أن وطأ اليهود بأقدامهم أرض فلسطين في العصر الحديث، أما كلمة مستعمرة فهي تعني عند الغرب الأوروبي الاستيلاء والسيطرة، وفي عالمنا العربي وفي دول العالم الثالث فتتعلق كلمة -مستعمرة- بمعنى الاستعمار البغيض، وهو يتمشى تمامًا مع أطماع اليهود الصهاينة في أرض فلسطين، ويوافق بلا مواربة الغرض من قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين، فإسرائيل دولة استعمارية عنصرية زرعها الغرب ورعاها في المنطقة العربية لتحقيق مصالح الغرب في المنطقة.
وخلال العقود الخمس الماضية عقب حرب يونيو 1967 قامت سلطات الاحتلال الصهيونية ببناء المئات من المستعمرات بناءً على اتفاق ضمني بين مختلف الأحزاب الإسرائيلية بما فيها حزب العمل الإسرائيلي، لإغلاق الباب في وجه العودة إلى حدود ما قبل حرب يونية 1967؛ خاصة في القدس الشرقية.
ومما ينبغي التنبُّه إليه إن:
- هذه المستوطنات ليست مشروعات استثمارية لها جدوى اقتصادية، لكنها وسيلة صهيونية قديمة حديثة ينفق عليها مليارات الدولارات للاستيلاء عن طريقها على الأراضي الفلسطينية، واستخدامها كورقة ضغط إسرائيلية في أي مفاوضات قد تضطر إسرائيل للدخول فيها، فيمكن من خلال تواجد هذه المستوطنات الحصول على أكبر قدر من الأراضي العربية الفلسطينية.
- هذه المستوطنات ما هي إلا بؤر عسكرية، إذ تتسم منذ بداية نشأتها بالطابع العسكري، لكونها تزرع في وسط التكتلات السكانية الفلسطينية بغية إحداث التغيير السكاني المطلوب بزيادة الكثافة السكانية اليهودية في الأراضي ذات الكثافة السكانية الفلسطينية العالية، سواء في القدس الشرقية أو في الضفة الغربية؛ لذا تعد تلك المستوطنات اليهودية حصون عسكرية، تعادي كل ما هو فلسطيني يحيط بها، وهي تقام من أول يوم لها وطوال فترة بقائها في حماية سلطات الاحتلال الإسرائيلية، لأنها تفرض فرضًا على واقع الأرض الفلسطينية رغم الرفض الفلسطيني لها، إذ تقام على أرض الفلسطينيين المغتصبة منهم غصبا.
- هذه المستوطنات تغطي مختلف الأراضي العربية الفلسطينية والعربية المحتلة خاصة في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية وفي الجولان، بل كانت هناك عدة مستوطنات يهودية في أرض سيناء خلال احتلال إسرائيل لها، ثم أجبر سكانها على الخروج منها بعد نهاية الاحتلال، وكذلك كانت هناك مستوطنات يهودية داخل قطاع غزة، ثم أجبر سكانها على الخروج منها أيضًا عند الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.
- هذه المستوطنات تمثل شبكة استيطانية تتواصل فيما بينها من جهة، وتساهم بنظام توزيعها في تقسيم وفصل وعزل الأراضي والأجزاء العربية عن بعضها البعض من جهة أخرى، فينقطع التواصل بين هذه الأجزاء العربية وتتحول هذه المدن والقرى الفلسطينية إلى مناطق معزولة محاصرة منفصلة عن الأجزاء العربية الأخرى، ولا يستطيع الفلسطينيون الانتقال بحرية منها وإليها، بل يعيشون محاصرين داخلها، إذ تفصل بين هذه الأراضي العربية المنقسمة المستوطنات اليهودية والطرق المؤدية إليها وتربط بينها، وتتحكم في عشرات البوابات ونقاط التفتيش والحواجز الإسرائيلية.
والمحصلة مستوطنات يهودية مترابطة فيما بينها، ومناطق عربية فلسطينية منفصلة عن بعضها، معزولة محاصرة ليس لسكانها حرية الحركة والتنقل إلا من خلال موافقة وإذن سلطات الاحتلال الإسرائيلية.
- هذه المستوطنات أداة لتحجيم وخفض مساحة التجمعات الفلسطينية، ولوقف النمو السكاني فيها؛ إذ يضيق زمام المدن والقرى الفلسطينية ويقلل من مساحاتها الكلية بالاقتطاع منها لبناء المستوطنات، وفي المقابل لا يسمح للفلسطينيين بالبناء إلا على أجزاء صغيرة وفي أضيق الحدود، رغم تزايدهم السكاني، حيث تحيط المستعمرات بالأراضي الفلسطينية وتحولها مع الوقت إلى مجموعات صغيرة من أبنية متفرقة لا يرتبط بعضها ببعض، ولا مجال لها للتوسع والتمدد. وتتعمد سلطات الاحتلال إلى تجميد المناطق الخضراء بعدم السماح بالبناء عليها لتتحول في حقيقة الأمر إلى أماكن محجوزة لمستوطنات مقترحة أو تحت الإنشاء، أو مناطق احتياطية لتوسع المستوطنات المقامة في المستقبل.
التضييق على الفلسطينيين أصحاب الأرض:
في الوقت الذي تمكِّن سلطات الاحتلال الإسرائيلية كل اليهود المهاجرين القادمين من شتات الأرض في الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال منح الجنسية الإسرائيلية، وتوفير السكن في المستوطنات، وتوفير فرص العمل وحرية العمل والتنقل، تقوم بالتضييق الشديد على الفلسطينيين أصحاب الأرض التي عاش فيها آباؤهم وأجدادهم من مئات السنين. وتعددت مع الوقت صور العنصرية والاضطهاد للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عبر العقود الماضية، وبدرجة مبالغ فيها لا تطاق، ومنها:
- مصادرة الأراضي الفلسطينية بالقوة بمبررات واهية، أو تجميدها ومنع التصرف بالبناء فيها. فمثلًا: مع احتلال القدس في يونيو 1967 أعلنت سلطة الاحتلال عن مصادرة 116 دونما من أحياء البلدة القديمة في القدس، وهدم حي المغاربة، وتهجير السكان العرب من هذه المناطق بالقوة، وذلك لتوسيع رقعة الحي اليهودي -الذي أقيم في القدس مكان حي المغاربة- من 5 دونمات إلى 130 دونما، مع بناء الحي اليهودي في نمط يمزج بين القديم والحديث.
وخارج سور المدينة القديمة: تمت مصادرة 3345 دونما من أراضي حي الشيخ جراح ووادي الجوز وأرض السمار في شتاء 1968، لتقام عليها أحياء استيطانية يهودية، وإقامة أربع مستوطنات (رامات أشكول) و(عفعات همفتار) و(معلوت دفنا) و(التلة الفرنسية)، والتي شكلت أول الأطواق من المستوطنات حول القدس تربط بين القدس الشرقية بسكانها العرب والقدس الغربية وسكانها اليهود، وتم إسكان مستوطنين يهود فيها على عجل، وتم التحكم في الطرق المحيطة بهذه المستوطنات؛ خاصة الشارع الممتد منها إلى (رام الله) شمال القدس. وفي صيف 1970 بدأ بناء الطوق الثاني من المستوطنات في القدس الشرقية بعد مصادرة 11780 دونما وبناء عدة مستوطنات جديدة.
وقد تم ذلك في ظل حكومة حزب العمل التي يصفها البعض بالاعتدال وعدم التطرف والمناداة بالسلام مع الفلسطينيين، والتي حكمت إسرائيل من عام 1967 إلى عام 1977، فوضعت في تلك الفترة أساسات الاستيطان في القدس، وقد بلغت مساحة الأراضي التي صادرتها حكومة حزب العمل في تلك الفترة 17 ألف دونم. وعندما عاد حزب العمل للحكم عام 1992 استثنى القدس من قراره بتجميد بناء المستوطنات في يوليو 1992م.
وفي شتاء 1980 صادرت سلطات الاحتلال 4400 دونما من قريتي بيت حنينا وشعفاط، وقامت ببناء مستوطنتي: (بسغات زئيف) و(بسغات عومر)؛ ليكونا حلقة وصل تصل بين كل من المستوطنات الشمالية والشرقية.
وقد واصلت أيضًا حكومة حزب الليكود المتطرفة -وغيرها من الحكومات الإسرائيلية- سياسة الاحتلال في فرض الأمر الواقع بمضاعفة عدد اليهود في القدس الكبرى من 330 ألف يهودي إلى 750 ألف يهودي من عام 1985 إلى عام 2010، وساهم في تحقيق ذلك الهجرة الكبيرة ليهود الاتحاد السوفيتي السابق. وهذا يؤكد أن الاستيطان والتهويد سياسة ثابتة متفق عليها عند كل الأحزاب الإسرائيلية المتتالية المعتدلة منها في نظر البعض كحزب العمل، أو المتطرفة منها كالليكود أو في الحكومات الائتلافية منها.
وواصلت -وما زالت تواصل- السلطات الإسرائيلية بناء المستوطنات حول القدس وفي الضفة الغربية لتزيد من مساحة الأراضي التي تسيطر عليها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي يتم توزيعها بكيفية تشكل حاجزًا دائمًا يفصل بين الأحياء العربية داخل القدس وفي الضفة الغربية عن بعضها البعض، وتتحكم بها في الطرق الموصلة إليها، بينما تترابط وتتواصل هذه المستوطنات مع بعضها البعض، وقد نجحت سلطات الاحتلال في ذلك نجاحًا كبيرًا؛ إذ صار هناك اليوم أكثر من 380 ألف مستوطن يهودي ينتشرون في الضفة الغربية المحتلة، بينما أصبح الفلسطينيون يشكلون أقلية في القدس الشرقية المحتلة نحو 37% فقط من مجموع السكان.
- فرض ضريبة ملكية على السكان العرب منذ عام 1985 بمبالغ مبالغ فيها، حتى مع كونها أراضي غير مسموح بالبناء عليها، لدفع الفلسطينيين إلى التخلص منها، بل صارت أراضٍ منها مطروحة للبيع أو معرضة للمصادرة بسبب ما عليها من الضرائب التي يعجز الكثيرون من أصحابها عن سدادها.
- لا إصدار لتصريحات بناء لوحدات سكنية فلسطينية جديدة كافية لمواجهة النمو السكاني المتزايد للفلسطينيين، ورغم أنه يتم الإعلان على الورق من وقت لآخر عن مشروعات مستقبلية في تلك المناطق. وحال لجوء السكان الفلسطينيين إلى البناء بدون ترخيص تبقى هذه المساكن مهددة دائمًا بالإزالة في أي وقت؛ لكونها بدون ترخيص من سلطة الاحتلال، بينما تعيش عائلات كثيرة معدومة السكن لدى أقارب لهم في أوضاع سكنية صعبة للغاية.
- إسقاط الهوية عن الفلسطينيين، خاصة في القدس، حيث قامت سلطة الاحتلال بمنح السكان الموجودين داخل القدس عند احتلالها بطاقة زرقاء للتعامل بمقتضاها، مما ترتب عليه فقد عشرات الآلاف من الفلسطينيين خاصة من كانوا خارج القدس أو غادروها عند احتلالها. وتتفنن سلطة الاحتلال في وضع القوانين التي تمكن هذه السلطة من حرمان الفلسطينيين من بطاقات هويتهم، وتتعامل مع الفلسطينيين كمقيمين في الأراضي المحتلة لا كمواطنين فيها. وقد تسببت تلك السياسة المتعنتة في فقد آلاف الفلسطينيين لهوياتهم التي تمكنهم من الإقامة -خاصة في القدس-؛ بسبب سفرهم للخارج أو الانتقال لزيارة أقارب لهم أو الانتقال لأماكن محتلة أخرى طلبًا للسكن في ظل أزمة السكن الموجودة.
- منع دخول الفلسطينيين لزيارة القدس والمسجد الأقصى إلا من خلال أذونات خاصة للفلسطينيين، ولا تسمح بدخول سياراتهم، بما يعني تركها خارج المدينة عند دخولها، كما تتعمد سلطة الاحتلال منع المصلين من الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول للمسجد الأقصى للصلاة فيه.
- طرد وتهجير وإبعاد السكان الفلسطينيين قسرا تطبيقا لسياسة الترحيل للسكان العرب أو نقلهم باتجاه الضواحي.
- إفقار المناطق العربية المحتلة بصورة واضحة بسبب حرمانها المتواصل من الخدمات والرعاية الأساسية في شتى جوانب الحياة.
- حرمان المناطق العربية من البنية التحتية من طرق وحدائق وإنارة شوارع، ومن توفير المياه والغاز وبناء الوحدات السكنية الجديدة، وإنشاء المناطق الصناعية والتجارية.
- معاناة الأحياء والمناطق العربية المحتلة من أوضاع معيشية صعبة للغاية، فهي جيوب معزولة، مكونة من منازل قليلة الطوابق، لا طرق جديدة ولا أرصفة، بل طرق قديمة غير معبدة، قليلة المصابيح أكثرها لا يعمل، ولا أماكن كافية لجمع القمامة والمخلفات، ولا اهتمام كافٍ بجمعها ونقلها، ولا حدائق عامة ولا ملاعب.
التضييق على المؤسسات التعليمية الفلسطينية في الأراضي المحتلة بطرق مختلفة، منها:
- تفريغ المؤسسات التعليمية من كوادرها.
- فرض إشراف البلدية الإسرائيلية على امتحانات الثانوية العامة منذ عام 1998م.
- فرض المناهج العبرية على المدارس الفلسطينية في القدس، حيث تدير بلدية القدس 34 مدرسة، في حين تدير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) معظم المدارس الأخرى. وفي مواجهة ذلك قام بعض الفلسطينيين بإنشاء مدارس خاصة للحد من التحاق التلاميذ الفلسطينيين بالمدارس التي تديرها سلطة الاحتلال.
مجموعة غلاف غزة:
مجموعة غلاف غزة هي مجموعة مستوطنات إسرائيلية تقع على طول الحدود البرية المتاخمة لقطاع غزة بعدة كيلومترات، فيها 57 مستوطنة، يقدر سكانها بنحو 70 ألف مستوطن وفق آخر تحديث إحصائي نشرته دائرة الضرائب الإسرائيلية عام 2019، كما تضم أكثر من 27 ألف عامل أجنبي يعملون في مجال الزراعة. ولمستوطنات غلاف غزة أهمية إستراتيجية وأمنية بالنسبة لإسرائيل.
كان الوجود الإسرائيلي قد انتهى في غزة منذ عام 2005 بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية منها، وبعد إخلاء 25 مستوطنة كانت مقامة هناك، وقد أنشأت حينها سلطات الاحتلال منطقة عازلة بين القطاع والأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، وتضم المنطقة العازلة حواجز برية وقواعد ونقاط عسكرية وأراضي زراعية.
ومن أبرز المستوطنات والنقاط العسكرية في غلاف غزة:
- مستوطنة سديروت: وهي أكبر وأقرب مستوطنة إلى قطاع غزة من جهة الشمال الشرقي، بها حوالي 35 ألف مستوطن وفق آخر إحصاء تم في عام 2023.
- مستوطنة زيكيم: تقع شمال شرق القطاع وتطل على البحر المتوسط، وبها قاعدة عسكرية.
- مستوطنة بئيري: ويقطنها أكثر من ألف مستوطن.
- مستوطنة ناحال عوز: ويعيش فيها نحو 470 مستوطنًا، وفيها قاعدة عسكرية.
- مستوطنة رعيم: تقع في منطقة شاسعة مفتوحة، ويعيش فيها نحو 430 مستوطنًا، وبها قاعدة عسكرية رئيسية تعد مقرًّا لفرقة غزة التابعة للواء الإسرائيلي الجنوبي.
وقد سعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في السنوات الأخيرة على إحداث تغيير ديموجرافي جذري في غلاف غزة من خلال تشجيع السكن فيها؛ حيث قدَّمت إغراءات مادية كثيرة، منها: التخفيضات الضريبية الكبيرة، وإتاحة الوظائف الكثيرة، وتوفير السكن المدعوم، وتشجيع الاستثمارات السياحية الريفية، وإنشاء مزارع للدواجن وإعداد للحقول. وتطمح الحكومة الإسرائيلية بذلك إلى مضاعفة عدد السكان في هذه المستوطنات في الفترة المقبلة.
ومما يزيد من خطورة هذه المستوطنات ما دأبت عليه سلطات الاحتلال في السنوات الأخيرة من فتح باب الترخيص بحمل السلاح للمستوطنين خاصة المتطرفين منهم، ثم التغاضي عن كل ما يقومون به من اعتداءات مسلحة متصاعدة على الكثير من الفلسطينيين المجاورين لهم وعلى بيوتهم ومزارعهم وممتلكاتهم لدفعهم دفعًا إلى مغادرتها والنزوح عنها.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.