كتبه/ سعيد السواح
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقل الحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله أن الله اصطفاني لهذا الدِّين الذي ارتضاه لعباده والذي لا يقبل سواه، (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) (آل عمران: 19)، وقل الحمد لله أنني لم أكن على غير هذه الملة وإلا كنت من الخاسرين في الدنيا والآخرة، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85).
فيا أيها المسلم الحبيب: هل تفخر فعلًا بأنك مسلم؟
وهل تعتز وتتشرف بأنك مسلم؟
ماذا يعني أنك مسلم؟
إن الإسلام معناه: الاستسلام لله والخضوع والانقياد لأحكامه وأوامره ونواهيه؛ ولذلك أمرنا ربنا خالقنا بالدخول الشمولي في هذا الدين، جملة وتفصيلًا، ونادى علينا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة: 208).
ولكي تحافظ على هويتك الإسلامية ينبغي ألا تفرق بين أحكام الله -تعالى-؛ فليس لأحدٍ حق في أن يقول: أنا أقبل بعض الأحكام وأرفض البعض الآخر، وإلا انطبق عليه قول ربنا: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة:85).
وذكر الله -تعالى- الدوافع التي تدفع البعض إلى ذلك؛ ألا وهي: حب الدنيا وإيثارها على الآخرة: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ) (البقرة: 86).
ولقد أوصانا الله -تعالى- بأن نستمسك بالإسلام حتى الموت ولا نتخلى عنه، ولا نرضى عنه بديلًا، ونادى الله على كلِّ مَن قال: رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- رسولًا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:102-103).
أراد الله منا أن نُسْلمَ كإسلام أبينا إبراهيم -عليه السلام-: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (البقرة: 131).
إن علامة الله لك لهدايتك للإسلام تراها إذا رأيتَ انشراحًا في صدرك لهذا الدين؛ حبًّا وعملًا، وإلا فلتبحث عن إسلامك أين هو؟! (فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) (الأنعام: 125).
لو شرح الله صدرك للإسلام لقذف في قلبك نورًا ترى من خلاله الأمور: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الزمر: 22).
أيها المسلم الحبيب... هل أحكمت هذه القواعد وشيدتها في قلبك؟!
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) (متفق عليه).
أيها المسلم الحبيب... هل تعلم ما الحقوق التي أوجبها عليك الإسلام؟
وهل تعلم ما حقوق الله عليك؟
وهل تعلم ما حقوق النبي -صلى الله عليه وسلم- عليك؟
وهل تعلم ما حقوق المسلم عليك؟
وهل تعلم ما حقوق غير المسلم عليك؟
فلتسارع ولتبادر لكي تتمكن من أداء هذه الحقوق التي عليك قبل أن يحال بينك وبين ما تشتهي، فلتسابق وأنت في حال السعة والعافية قبل أن يحول الموت بينك وبينها فتكون من النادمين وتكون من الخاسرين.
وإليك أيها المسلم الحبيب...
إليك القانون الذي تتعامل من خلاله مع منهج الله -تعالى-؛ مع الإسلام: (وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (البقرة: 285).
أما غير المسلم فقانون تعامله مع شرع ربِّه: "وَقَالُوا سَمِعْنَا وعَصَينا"!
شعارك أيها المسلم الذي ترفعه:
- أنا المسلم في عقيدتي.
- أنا المسلم في عبادتي.
- أنا المسلم في معاملاتي.
- أنا المسلم في سلوكياتي وأخلاقي.
- أنا المسلم، أنا المسلم، شعار نرفعه لتعلم به الدنيا.
فلترفع صوتك بأنك المسلم؛ ليسمع بذلك الشجر والحجر، وحبات الرمال، وذرات التراب، ولتشهد لك الدنيا بذلك: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت: 33)، (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِين) (الأحقاف: 15).
وختامًا... أقول لك أيها المسلم الحبيب: الإسلام هو إسلام النفس كلها لله، وأن يكون كيانك كله ظاهرًا وباطنًا متوجهًا إلى خالق السماوات والأرض، خالق كل شيء، ولتكن رايتك: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام: 162-163).
أوصيك بأن تقبض على دينك، وأن تعض عليه بالنواجذ حتى لا يسلب منك، ولتسارع لتتعلم ما الإسلام، وما تعاليمه، وليشهد لك بذلك كل الخلق، اشهدوا بأنا مسلمون.
والحمد لله رب العالمين.