الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 05 يناير 2023 - 12 جمادى الثانية 1444هـ

الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (13)

كتبه/ أحمد حرفوش

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

نشر المذهب الإسماعيلي الشيعي الضال في جامع الحاكم:

أوَّل مَن أسسه العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله، وقد بني هذا الجامع خارج باب الفتوح، أحد أبواب القاهرة، وكان الذي بدأ في بنائه الوزير يعقوب بن كلس سنة (379هـ - 989م)، وقد قُدِّرت نفقة إنشائه بأربعين ألف دينار، وخطب فيه العزيز بالله، وكان في مسيره إلى الجامع -بين يديه- أكثر من ثلاثة آلاف من الجنود، وكبار رجال دولته، وقد مات العزيز ولم يكتمل هذا المسجد، ثم أكمل بناءه ابنه الحاكم بأمر الله سنة (403هـ - 1012م)، وقد زيد في منارة جامع باب الفتوح، وعُمِل لها أركان؛ طول كل ركن مائة ذراع، وقد أمر الحاكم بأمر الله بعمل تقدير ما يحتاج إليه الجامع من الحصر والقناديل والسلاسل، فبلغت النفقة على ذلك خمسة آلاف دينار، وقد جلس فيه الفقهاء لتدريس المذهب الشيعي. 

نشر الدعوة الإسماعيلية البدعية في جامع راشدة:

عُرف هذا الجامع بجامع راشدة، وإنما راشدة اسم لقبيلة من العرب نزلوا عند الفتح هناك، فعرفت تلك البقاع بخطة راشدة، وابتدِئ بناء جامع راشدة في السابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة (393هـ - 1003م)، وكان مكانه كنيسة حولها بعض مقابر لليهود والنصارى، فبني بالطوب أولًا، ثم هُدِم وأعيد بناؤه بالحجر، وزيد في مساحته واكتمل البناء، وتم فرشه وعُلِّقت به القناديل، وما يحتاج إليه ليكون مهيأ للصلاة فيه في رمضان سنة (395هـ -1005م)، وقد صلَّى فيه الحاكم الجمعة في رمضان سنة (398هـ - 1008م)، وألقى فيه خطبة الجمعة، وفي سنة (401هـ - 1011م) تم هدمه وإعادة بنائه، وتم البناء والفرش وتهيئته سنة (403هـ - 1013م)، وقد صلى فيه الحاكم في رمضان من نفس السنة صلاة الجمعة.

وكان هذا المسجد أيضًا منبرًا لنشر المذهب الشيعي، ومن طريف ما ذُكِر: أنه في سنة (403هـ - 1013م) في عهد الظاهر لإعزاز دين الله! حَدَث أن خطب في هذا المسجد خطيبان معًا على المنبر! وذلك أنّ أبا طالب عليَّ بن عبد السميع العباسي عُيِّن في الخطابة، بأمر قاضي القضاة: أبي العباس أحمد بن محمد بن العوَّام، بعد سفر خطيب المسجد العفيف البخاري إلى الشام، وفي نفس الوقت خرج أمر من الحاكم العبيدي "الظاهر لإعزاز دين الله" إلى ابن عصفورة أن يخطب الجمعة، فصعدا جميعًا المنبر ووقف أحدهما دون الآخر وخطبا معًا، ثم بعد ذلك استقر أبو طالب خطيبًا، وأن يكون ابن عصفورة خليفة له.

نشر الدعوة الإسماعيلية في جامع المقس:

هذا الجامع أنشأه الحاكم بأمر الله على شاطئ النيل بالمقس، والمقس كان ميناء على نهر النيل فتسمى باسمه، وقد أوقف الحاكم عليه بساتين كثيرة من النخيل؛ علاوة على الأوقاف التي أوقفها على مساجد: الأزهر، والحاكم، وجامع راشدة، وجامع المقس.

وعندما احتفل لأول مرة بعيد الشيعة "غدير خم" سنة (362هـ - 973م) سار موكب المعز الفاطمي إلى منظرة المقس، وتم عرض الأسطول عليه، وكان الحكام الفاطميون يركبون إليه عند عرض الأسطول بعد ذلك، فكان هذا المسجد أيضًا من المساجد التي تعد منبرًا لنشر المذهب الشيعي في مصر والتي بُنيت لذلك الأمر. 

ونكمل في العدد القادم إن شاء الله.