الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 19 مايو 2022 - 18 شوال 1443هـ

البطالة مسئولية الجميع

كتبه/ عبد العزيز خير الدين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فمِن أخطر القضايا العصرية: قضية البطالة، وهي عدم الحصول على فرصة عمل، وخاصة عند الشباب، وهي قضية لها تأثير مباشر على الفرد والمجتمع، مِن ضغطٍ للنفس يؤدي إلى الاكتئاب، وزيادة الأعباء المالية، والديون التي تؤثِّر على العلاقة الزوجية، وأحيانًا تنتهي بالطلاق، أو السجن، أو الانتحار.

 كما أن البطالة تؤدي إلى فقدان الاستقرار السياسي، وارتفاع مستوى الهجرة غير الشرعية، والتأثير السلبي على اقتصاد الدولة، وانتشار الجريمة: كالسرقة، والعنف؛ بهدف توفير أدنى متطلبات المعيشة.

ومسئولية ذلك تقع على الجميع؛ سواء الفرد، أو الأسرة، أو الدولة.

فالفرد يكون مسئولًا عن البطالة: حين يجلس ينتظر دوره في توظيف الدولة له، أو تأتيه فرصة عمل، لكنه يحرص على عملٍ يناسب ميوله وهواه رغم احتياجه، أو يترك عمله لأي سببٍ دون تأمين عمل آخر بديل له، أو يرفض تطوير نفسه ليتواكب مع العصر الحديث؛ فتجده لا يستطيع قيادة السيارة، أو التعامل مع أجهزة الكمبيوتر، أو حتى عملًا فنيًّا، أو حرفة، أو مهنة مرغوبة.

وفي النهاية يلقي باللوم والمسئولية على الدولة، بينما ديننا يحثنا على العمل، مع الأخذ بالأسباب كما في حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ".

ورب الأسرة أيضًا مشارك في البطالة: حينما يعطي المصروف اليومي لابنه الشاب دون حساب أو متابعة، وكل طلباته مجابة، مع حرصه على عدم إرهاق ولده في أي عمل، فيتربَّى الولد على البَلادة، والتكاسل، والتواكل على الغير، كما في حديث حَكِيمِ بن حِزَامٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ".

كما أن الدولة مسئولية عن الظاهرة، ودورها أساسي في انخفاض معدلات البطالة؛ فينبغي أن تغيِّر من السياسات المالية والنقدية، وسياسات التعليم، ووضع مزيدٍ مِن برامج التدريب، ومكافحة سياسات التمييز والواسطة أثناء التوظيف، وذلك باختيار الكفاءات، وخلق فرص عمل جديدة، ودعم المشاريع الخاصة ماديًّا ومعنويًّا، وتشجيعها، وتسهيل إجراءات فتح المنشآت، وعمل الدراسات اللازمة لتقليل هذه الظاهرة، خدمةً للمواطن في عيشة كريمة، وتحسينًا للاقتصاد العام، انطلاقًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".