الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 15 نوفمبر 2021 - 10 ربيع الثاني 1443هـ

الفن رسالة!

كتبه/ محمد شريف

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فجملة كثيرًا ما تتردد ونسمعها على ألسنة الكثيرين، وعلى أثرها تُفرَد لها مساحات كثيرة: فضائية وإلكترونية وإعلامية، في سبيل إثبات حقيقة هذا المعنى، ولكن كما هو معلوم شرعًا وعقلًا: أن الواقع والعمل هو خير شاهد على صدق الادِّعاء من كذبه.

ويطالعنا الوسط الفني ويطل علينا كل يوم بكثيرٍ مِن أحداثه وفاعلياته ومهرجاناته التي نستطيع من خلالها تصور الحقيقة بعيدًا عن الخوض والجدل الكلامي.

وكان من هذه الفاعليات التي أفردت لها مساحة كبيرة من الاهتمام وفُرض على المجتمع أن يتابعها ويعيش أحداثها من بداية التدشين والتبشير بحلوله، وحضور الفنانين ومراسم استقبالهم، والتعليق على ملابسهم وأزيائهم، وفقراتهم التي يقدِّمون وكلماتهم التي يلقون وما يدور بينهم من أحداث القبلات الساخنة والتنافس في التعري والمشادات الكلامية، وتصفية الحسابات بينهم، وغير ذلك الكثير مما يعف القلم أن يكتبه ونصون أنفسنا عن نشره.  

حدث ذلك كله وزيادة عليه فيما يسمَّى بمهرجان الجونة السينمائي، وهي فاعلية فنية تتكرر سنويًّا ويثور معها الضجيج الفني في كل مرة متجاهلًا هموم ذلك المجتمع ومشاكله الضخام المجتمعية، والأسرية، والاقتصادية وما يحيط به من مخاطر وتحديات، وكأن قائل عبارة: "قل موتوا بغيظكم" يرسل رسالة بذلك إلى المجتمع المثخن بجراحه والتي يحاول المصلحون فيه تضميدها والتخفيف من آلامها.

أقول لحاملي هذا النوع من الرسالة الفنية: "لقد أخطأتم الطريق الذي به تتحقق رسالة الإصلاح، فلا ينازع عاقل فضلًا عن متشرع فيما في هذه التصرفات من رذيلة وفساد لأجيالٍ كاملةٍ من الشباب والفتيات، (‌وَاللَّهُ ‌لَا ‌يُحِبُّ ‌الْفَسَادَ) (البقرة: 205).  

إن أصحاب الرسالات الإصلاحية الحقيقية يحملون لمجتمعاتهم الخير بنشر توقير البارئ وتعظيمه، والأخلاق الحسنة، والقيم الرفيعة من عفة اللسان والبصر، وستر العورات، وبث روح العمل والإنتاج لنتمكن مِن استعادة ريادة ومكانة بلادنا، وهؤلاء هم القدوة الحقيقة التي يجب أن يقتدي بها الأجيال، وقد جعل الله على رؤوس هؤلاء: المصلحين الأنبياء والمرسلين، وجعل شعارهم: (‌إِنْ ‌أُرِيدُ ‌إِلَّا ‌الْإِصْلَاحَ ‌مَا ‌اسْتَطَعْتُ) (هود: 88).

نسأل الله -تعالى- أن يصلح أحوالنا وأن يحفظ بلادنا وشبابنا من كلِّ سوء.