الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 24 يونيو 2021 - 14 ذو القعدة 1442هـ

التكامل في شخصية الداعية

كتبه/ صبحي فتحي الشلمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإن الدعوة الى الله -تعالى- من أشرف الوظائف التي يعمل فيها المسلم، وهي وظيفة الأنبياء والمرسلين، والمصلحين والدعاة إلى الله على مرِّ العصور والأزمان، والدعاة هم المبلغين عن الله الوحي المنزل من السماء، والمبلغين عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- السنة المباركة؛ لذا وجب على مَن يتصدى للدعوة الى الله أن تكتمل جوانب بناء شخصيته علميًّا وعمليًّا، وفكريًّا ودعويًّا.

أما الجانب العلمي: فنقصد به أن يكون الداعية على قدرٍ لا بأس به من الإحاطة بالعلوم الشرعية؛ سواء كانت علوم غاية: كعلم العقيدة، والفقه، والتفسير، والحديث، أو علوم آلة: كأصول الفقه، والقواعد الفقهية، واللغة العربية، وأصول التفسير، وعلوم القرآن، ومصطلح الحديث.

ويتميز الداعية في طلبه للعلم الشرعي بالمنهجية والتوازن والشمول؛ وذلك حتى يكون على دراية بغالب العلوم الشرعية، وأن يكون طلبه للعلم مستمرًا متجددًا لا ينقطع.

وأما عن الجانب العملي: وهو مِن أهم الجوانب التي تكوِّن شخصية الداعية حيث إن العلم بلا عمل لا يؤدي ثماره، (والعلم يهتف بالعمل؛ فإن أجابه وإلا ارتحل)، وفي مفهومه البسيط هو التطبيق العملي لكلِّ ما تعلَّمه الداعية من علمٍ على نفسه، وذلك حتى تزكو روحه، ويتذوق طعم وحلاوة الطاعة التي تدفعه إلى العمل، ويكون في نظر سامعيه قدوة يُقتدَى بها، ومَثَلًا يحتذَى به في العلم والعمل.

وتمام الجانب الفكري هو: التوازن وعدم التخبط في السير إلى الله، والسير على منهاج النبوة دون انحراف في قضايا تمس الواقع المعاصر يتأسى فيها بمَن سبق من علماء الأمة المعتبرين في قضايا: الفقه، والعقيدة، والدعوة، وأساليبها.

وفي الجانب الدعوي: حيث يلتزم الداعية بالأسلوب الحكيم في الدعوة إلى الله ممتثلًا أمر الله -تعالى- لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ( (النحل:125)، حيث يعتبر المصالح والمفاسد، ومراحل القوة، ومراحل الضعف، وجمهور المستمعين ممَّن يتعرض لدعوتهم وفئاتهم العمرية، وجنسهم، وبيئتهم، والمستوى الثقافي للمدعوين؛ حتى يفهمه المستمعون، ولا يكذب الله ورسوله.

وأخيرًا: نؤكِّد على ضرورة وجود هذه الجوانب مكتملة في شخصية الداعية؛ حيث إن الداعية بدون علم سيدعو إلى ضلالات وجهالات، وبدع وخرافات، وداعية بدون عمل لا يؤثر فيمن حوله، ولا يقتدي به أحد، وداعية منحرف فكريًّا قد يؤدي به ذلك إلى أن يفسد أكثر مما يصلح، وداعية بدون ضوابط دعوية جهد مهدر، وضياع لطاقه بلا جدوى.

لذلك وجب على كل داعية أن يكمل هذه الجوانب من نفسه وشخصه؛ لكي يكون داعية على منهاج وميراث النبوة في الدعوة والبلاغ.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.