الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 25 فبراير 2008 - 18 صفر 1429هـ

ابني يسائلني

كتبه/ عبد الرحمن العشماوي

ابني يسائـلـنـي، والقــلب مكتـئبُ

إلـى مــتـى هـذه الأحـوال تـضـطــربُ؟

إلى متى أمَّـتـي تبقـى على جُـرُفٍ

هــارٍ يحــاصـرهـا الإعــياء والتـَّعَــبُ؟

إلى متى يا أبـي تبـقـى مَـواجـعُـنا

نـاراً مـن الحزن في الأعماق تَلْتَهــِبُ؟

إذا نـظـرتُ إلى التِّلفـاز أرْعـبـني

طــوفـان ظـلمٍ، لـه فـي أرضـنا صَـخَبُ

وحين أصغي إلى الأخبار يُلْجِمُني

خـوفٌ، لـه فـي حنـايا مُـهجتـي شُـعَـبُ

فـلـسـت أسـمـع إلا صـوتَ أمّـَتِـنا

تَـئـِنُّ، والـمـعـتـدي يـسـطـو ويـغـتصبُ

ولـسـت أُبـصـر إلاَّ وَجْـهَ طـاغـيةٍ

لــكــلِّ فــعــلٍ مـن الـعــدوانِ يـرتــكــبُ

إذا نَظَـرْتُ إلى الأقصى، رأيـتُ يداً

لـلـمعـتـدي، بـدمـاءِ الـنَّـاس تَـخْـتَضِـبُ

وإنْ نـظــرتُ إلـى آفــاقِ غــزَّتـنـا

رأيـــتـُـهـا بـنـقــاب الـحــزنِ تَـنتْـتَـقِـبُ

تَبيتُ في ظلمات الحزنِ، يهجـرها

فـي لـيلـهـا المـُدْلَـهِــمِّ البدرُ والشـّـُهـُبُ

وإنْ نـظـرت إلى بغدادنا احـترقـتْ

أوراقُ صـبـري وأَوْرى زَنْده الـغــَضـَبُ

مـــاذا أعــدِّد مــن أحــداث أمـتـنـا

وكيف يَـروي الأسى مأساة مَنْ نُكِبُوا؟!

إنــي لأســألُ نفسي: كيف تنفعني

هــذي الــدفــاتـرُ والأقـــلامُ والـكـتـبُ؟!

وكيـف ينـفعـني تعـليمُ مَدْرستي

وشـمس إِحسـاسـنا بالأمـنِ تـحـتجـبُ؟

وكـيـف أطـمـع فـي تحقيق أمنيتي

وأمـتي خَــلْـفَ بـاب الــذُّلِّ تـنـتحــبُ؟!

أبي العزيزَ، أَجِبْني: كيف تحملني

رِجْلاي والدَّرْبُ فيه الخوفُ والـرَّهَـبُ؟!

أمــا ترى يا أبـي آفـاقَ أمَّـتـِنـا

فيها الــدُّخــانُ، وفــي أوطـانها الشَّغَبُ

أمـوالُ أمـتـنـا في الأرض سـائحةٌ

ونــحــن عــنـد فُـتــاتِ الـحُـزْنِ نَحْتَرِبُ

مستقبلي أيُّها المحبوب أرَّقني

أخــاف ممـَّن بـنا فـي عــصـرنـا لـَعِـبوا

بُـنـيَّ - مَهْلَك - فـالـدنيا لها خُلـُقٌ

مـــن التـلـوُّنِ، فــيـه الـحــالُ تـنـقــلــبُ

يـضيع فيها مَنْ اغترُّوا بزينتها

ومـَنْ عـلى مـتـنـها نَـحْـوَ الـرَّدَى ركبوا

فـي هـذه الأرض أسبابٌ مَن انصـ

رفوا عـنها فـلـيس لهـم فـي نـَيْلـِها أَرَبُ

فكم تـَواثبَ قومٌ بعدما عـثروا

وكم تـعـثَّـر قـومٌ بـعـدمـا وثـبـوا

وكم تمكـن قوم بعدما انهزموا

وكـم تــضـعـضـع قـوم بـعــدما غلبوا

بُنيَّ ما زال في الدنيا لذي خُلُقٍ

مكانــةٌ تــتسـامى عـندهــا الرُّتَبُ

ومـا يليق بـنا يَأْسٌ ونحن عـلى

هـــَدْيٍ مـــن الـملَّــةِ الـغـرَّاءِ نـحـتسِــبُ

خُذْ يا بُنَيَّ بأسباب النجاح فكم

نـال المجـدُّون ما رامـوا وما طلـبوا

صـوتُ الهزيمةِ صوتٌ لا مكانَ له

عنـد المـجـاهـدِ مهـما زادتِ الكُـرَبُ