الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فنستكمل في هذا الجزء بقية الحوار مع فضيلة الشيخ "مصطفى دياب" (عضو مجلس شورى الدعوة السلفية، وأحد المتخصصين في البرامج وطرق التعليم، وعلم النفس التربوي)، والحديث عن واقع الشباب والتحديات التي تواجههم.
9- كثيرٌ مِن الشباب يجد حيرة في تحديد رغباته وتوجهاته التعليمية، ولا سيما بعد مرحلة الثانوية، فكيف يمكن للشاب معرفة قدراته وإمكانياته التي يستطيع مِن خلالها تحديد المسار الذي يجب أن يسلكه؟
بداية الشاب يجد في نفسه ميلًا إلى مادة معينة كان يدرسها؛ إما مادة الرياضيات أو العلوم أو التاريخ أو الحاسب أو غيرها؛ فما وجد الشاب نفسه متقدمًا فيه من المواد أو محببًا إلى نفسه، ويستطيع أن يستمر فيه ليؤهِّل نفسه للدخول إليه والاستمرار فيه، ويفضَّل أن يرجع الطالِب لبعض معلميه؛ ليستشيرهم في ذلك أو أحد الإخوة المتخصصين في مجال الإرشاد النفسي والأُسري، والتعليمي والمهني، فيجلس معه جلسة يتناقش فيها معه، ثم يحدد بعدها الاختيار الأوفق والأنسب له؛ فإنه في كثيرٍ مِن الأحيان يميل الشاب للبروز في شيءٍ معينٍ، ولا يعرف كيفية الوصول إليه؛ فلذلك عليه أن يرجع لبعض المعلمين أو يجلس مع والديه وإخوته لفتح أبواب النقاش حول أي الطرق تؤدي إلى هدفه، ولا مانع مِن توسيع دائرة الاستشارات.
10- أين يبدأ الإصلاح الحقيقي لمنظومة التعليم؟
1- يبدأ الإصلاح الحقيقي لمنظومة التعليم مِن الدولة ونظرتها للتعليم ومكانته عندها، وحرصها على الارتقاء بالمجتمع.
2- حسن اختيار القائمين على المؤسسة التعليمية مِن أعلى الهرم إلى أدناه (اختيار القوي الأمين).
3- وضوح أهداف التعليم لدى مؤسسات الدولة، والمؤسسة التعليمية، ودعم مؤسسات الدولة للتعليم في البلاد.
4- إصلاح المناهج والمقررات بما يتوافق مع الأهداف، وعدم استيراد الأفكار والفلسفات التعليمية التي لا تناسِب قُطرنا العربي.
5- إعداد المعلم إعدادًا قويًّا يتناسب مع ما نرجوه مِن تحقيق الأهداف.
6- الاهتمام بتحقيق الاكتفاء للمعلِّم وتيسير سبل الراحلة له؛ ليتمكن مِن الإبداع، ويتفرغ للعطاء دون شواغل، فلا ينبغي محاربة الدروس ومصادر دخل المعلم المتنوعة قبل أن توفَّر له حياة كريمة تعلي مِن شأن المعلِّم اجتماعيًّا وماديًّا.
7- وضوح السياسة التعليمية لدى العاملين بالمؤسسة التعليمية، ولدى الأُسر والطلاب كذلك، ودعم هذه السياسة إعلاميًّا واجتماعيًّا.
8- الاستعانة بالله والإصرار على التغيُّر للأفضل والإصلاح (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ) (البقرة:282).
9- إقناع الطلاب بجدوى التعليم وتهيئة المناخ المناسب للتعلم، ووضع الضوابط والقواعد التي تلزِم الطالب بالالتزام التام داخل المدارس، وفرض العقاب الشديد على مَن يخلّ بآداب العملية التعليمية بعد اتخاذ الإجراءات الحوارية قبل ذلك.
ولا أدري كيف نتأخر في ذلك، ونحن أمة: (اقرأ)؟!
كيف تأخرنا ونحن أمة الكتابة والإبداع: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) (القلم:1)؟!
كيف تأخرنا و(مُعَلِّمُ الْخَيْرِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْبِحَارِ) (رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني)؟!
وكيف زهد أبناؤنا في التعليم والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) (رواه مسلم)؟!
وأخيرًا: لا بد من وقفة مع جميع المؤسسات الداعمة للتعليم؛ لنخرج بمنظومة تعليمية تحقق للأمة أهدافها، وتخرِّج لها أجيالها الصالحة. والله الموفق للخير.
11- ما هو دور الأسرة في إخراج أجيال سوية لديها القدرة على مواجهة التحديات المختلفة سواء تعليمية أو حياتية؟
الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يتربى فيها الإنسان، فإذا عاش الطفل طفولة سوية فإنه يمر بمراهقة سوية، والأسرة تبني الرجال وتخرِّج الأجيال، خاصة إذا كانت الأسرة واعية بدورها وواجبها مِن غرس القيم والأخلاق والدِّين، وتعريف الطفل بالحياة وحل مشكلاته، وتأسيس شخصيته وحسن توجيهه ومتابعته، والصبر عليه في جميع مراحله.
وإن أحدنا ربما يشتري قطة ليربيها فيأتي معها بدفترٍ أو كتابٍ ليتعرف على القطة وأمراضها وسائر أحوالها، ولا يكلِّف أحدنا نفسه إذا رزقه الله طفلًا أن يشتري كتابًا ليقرأ فيه عن مرحلة الطفولة الأولى أو الوسطى أو الأخيرة! أو يهتم أكثر إذا كبر ولده ودخل مرحلة المراهقة فيشتري كتابًا ليتعرف من خلاله على خصائص تلك المرحلة؛ ليحسن تربية ولده، أو يسمع لاستشاراتٍ تربويةٍ؛ ليحسن معاملة وتربية أبنائه!
فإن العود الأول للشجرة الباسقة يكون في البيت، فإذا بدأ مستقيمًا نشأ مستقيمًا بإذن الله تعالى.
- والأسرة هي مَن خرَّجت لنا شيخ الإسلام ابن تيمية، وأحمد بن حنبل، والإمام الشافعي، والإمام أبا حنيفة وغيرهم رحمهم الله وغفر لهم.
- والأسرة هي مَن خرجت القادة الربانيين المجاهدين لنصرة الدين.
- الأسرة هي الأرض الخصبة التي ينمو فيها الطفل، فإذا وجد البيئة الصالحة والعناية والرعاية، والتوجيه والإرشاد والمساندة؛ كان على ما يرام بإذن الله.
- الأسرة دورها لا ينتهي، فبالحوار والإقناع والحب، والرفق واللين والصبر؛ تُغرس المبادئ والقيم، ومع حسن التوجيه والتأديب ينشأ الطفل على خير بإذن الله.
12- ما هي أهم الوصايا التي توجهها للطلبة في بداية العام الدراسي الجديد؟
1- الاستعانة بالله -عز وجل- والتوكل عليه، والعزم على التميُّز العلمي والأخلاقي والسلوكي (عام جديد وعلى عملك شهيد).
2- حدد هدفك الرئيس، ومجموعة أهداف فرعية لتحقيقها مِن خلال تواصلك مع معلميك وزملائك.
3- كن عنصرًا مؤثِّرًا تأثيرًا إيجابيًّا فيمَن حولك مِن الأقران، ولا تكن إمعة تتكلم في التفاهات كما يتكلمون، وتقلدهم في طريقة حلق شعرهم وملابسهم، بل اجعل لك هوية مستقلة ملتزمة بما أباحه الله -عز وجل-.
4- احرص على أن تفيد أقرانك بالعلم النافع والعمل الصالح، والتعاون على البر والتقوى.
5- اترك أثرًا إيجابيًّا وسط أقرانك مِن خلال مشاركتك في الإذاعة المدرسية (لجنة الصحافة) أو المعلقات الإرشادية على لوحات الصف.
6- احذر مِن رفقة السوء ولا تتعجل في اختيار أصدقائك، فإن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله، وكما قالوا: "قل لي: مَن صاحبك؟ أقل لك: مَن أنت؟"، فصاحبك مرآة لك؛ فاحرص على انتقاء الأصحاب الصلحاء، أصحاب السمت الطيب والأخلاق الحسنة، وابتعد عمَن هو سيئ الأخلاق، قليل الاحترام لمعلميه وأقرانه.
7- اثبِت وجودك في صفك الدراسي بمذاكرتك ومشاركتك الإيجابية، ولا تثبت وجودك بكثرة مشاغباتك، ولا تحسد أحدًا على نعمة الله عليه.
8- استفد مِن معلمك بأقصى درجةٍ ممكنةٍ، واحذر أن تضيِّع فرصة التعلم منه، فإنه قد جاء ليعلمك ويهديك للخير.
9- نظِّم وقتك وسيطر على أهوائك، ولا تضيع أوقاتك على السامسونج، والبابجي، والمزرعة السعيدة، والألعاب المختلفة، والواتس والفيس وإنستجرام.
10- عوِّد نفسك على الإنجاز، وسل نفسك يوميًّا: ماذا قدَّمت لحياتي الدنيوية والأخروية؟! وأضف لنفسك كلَّ يوم جديدًا في علمٍ مِن العلوم الدينية أو الدنيوية.
11- لا تقطع القراءة الحرة فيما تحب مِن العلوم النافعة، فالقارئ متقدم، وستشعر بالفارق بينك وبين أقرانك في الصف.
12- حافِظ على صلواتك في أوقاتها مهما كانت الظروف.
13- احضر إلى المدرسة يوميًّا ومبكرًا، ولذا احرص على النوم مبكرًا للاستيقاظ لصلاة الفجر، والتحرك إلى المدرسة.
14- وفِّر احتياجاتك الدراسية مبكرًا وقبل بدء الدراسة أو مع أول أيامها، حتى تنتظم في العملية التعليمية بإيجابية.
15- اعتبر التعليم متعة واعتبر المدرسة بيتك الثاني.
16- لا تتشاءم من المقررات العلمية، ولا تأخذ موقفًا من المعلمين، فالمعلم عنده ما ينفعك، ولكنك تحول دون أن يبلِّغك ما عنده.
17- حافظ على الزي الموحد للمدرسة، فإن في ذلك فوائد تربوية.
18- استفد من البيئة التعليمية المناسبة المتوفرة بين يديك من معامل وفصول واسعة ونظيفة ومضيئة وقليلة العدد، فغيرك لا يجد ذلك.
19- وأنت تتوجه إلى مقاعد الدارسة حسِّن نيتك وأخلص القصد لعلام الخفايا، فأنت بهذه الخطوات ترفع الجهل عن نفسك وعمن حولك، كما أن في ذلك صورة من بر الوالدين وسعادتهم بنجاحك وتفوقك، فكن عالي الهمة في التحصيل والمدارسة؛ فأنت أمل الأمة.
20- ما تتعلمه مِن علمٍ شرعيٍ، احرص على تطبيقه والعمل به.
21- تجنب الغش في الامتحانات فإنها سرقة مقنَّعة، واعلم أن درجة متوسط بلا غشٍّ خير لك مِن درجةٍ عاليةٍ أو كاملة مع الغش، فالله يراك وبيده رزقك ووظيفتك، وكل شأنك.
22- أدِّ واجباتك الدراسية أولًا بأول، ولا تؤجِّل مذاكرة اليوم وواجباته إلى الغد، فإن لغدٍ واجبات أخرى.
23- بالغ في احترام معلمك وتعامل مع زملائك بالاحترام كذلك، ولا تسمح لأحدهم بالتطاول عليك أو تجاوز الأدب.
24- احذر استعمال الهواتف أثناء الحصص في اللعب وغيره، واحذر الدخول على المواقع الهابطة في المدرسة أو خارجها.
25- لا تمازح أصدقاءك مزاحًا جنسيًّا، ولا تسمح لأحدٍ أن يفعل ذلك معك.
26- احفظ عورتك فلا تكشفها، ولا تسمح لأحدٍ أن يلمسها أو يمزح حولها، فإن ذلك مِن قلة الحياء وسوء الأدب، ويجر إلى ما حرمه الله تعالى من الوقوع في الانحرافات الجنسية.
27- اعلم أن الله يراك على كل حال وفي كل مكان (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) (العلق:14)، (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (لقمان:16).
28- امتثِل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).
29- لا تكثر مِن استخدام الهواتف المحمولة، واجعل لنفسك وقتًا محددًا للعب عليها، أو التصفح، ولا تغرق في ذلك.
30- احذر الألعاب التي تُستخدم فيها العملة والبيع والشراء، فإنها صورة مِن صور المقامرة.
31- كن قدوة حسنة لأصحابك بحسن التزامك وتدينك، وحسن مذاكرتك وتفوقك، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله مِن المؤمن الضعيف، واحرص أن تكون مِن هؤلاء السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) (متفق عليه).
13- ما هي رسالتك للمعلِّم؟
أولًا: أسأل الله أن يوفقك أيها المعلم، ويسدد خطاك، ويعينك على مشاق العمل.
ثانيًا: احتسِب الأجر عند الله تعالى، ولا تعامِل الطلاب بما تعاملك به المؤسسة التعليمية؛ فأنت تستحق أكثر مما تأخذ، لكن حسبك أنك على ثغر تربية أبناء الأمة، وحسبك حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ، إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ، لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، فارجُ الله أن تكون منهم.
أخي المعلِّم:
هل تتخيل ماذا لو تعلم الطالب منك التوحيد، والصلاة، والصدق، والأخلاق الحسنة، والأمانة، وغيرها، ثم عاش هكذا... ؟!
هل تتخيل مقدار الأجر والثواب الذي يعود إليك، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)؟!
فأنتَ إن أرشدته إلى الأفضل في أمور حياته الدينية والدنيوية؛ كان لك الأجر والثواب، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةَ لَبَنٍ أَوْ وَرِقٍ، أَوْ هَدَى زُقَاقًا كَانَ لَهُ مِثْلَ عِتْقِ رَقَبَةٍ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).
والمعنى أن مَن أعار جاره شاة ليحلبها ويشرب لبنها ثم يردها إليه، أو أقرض رجلًا مالًا من أي نوع، أو أرشد سائلًا أو ضالًا للطريق، أو محتاجًا للعلم والمعرفة، كان له من الأجر كعتق رقبة.
فأنتَ كم مرة يسألك الطالب، وكم مرة تهديه الطريق الصحيح!
أخي المعلم...
أنت أمين ومؤتمن، وبين يديك أفلاذ أكبادنا أمانة، وأنتَ ترسم معنا وتحدد شخصية أبنائنا؛ فاتقِ الله فيهم وأحسن إليهم، أحسن الله إليك.
ثالثًا: أنتَ قدوة لأبناء المسلمين؛ فاحرص أن تكون قدوة حسنة، وأن لا تقع أعينهم منك إلا على ما يرضي الله عز وجل، فكم مِن معلمٍ صار مثلًا أعلى لطلابه، فحذوا حذوه في الحياة.
رابعًا: أولادنا لا يحتاجون إلى العلم فقط، إنما يحتاجون معه إلى الحب، والحلم والرفق، وسعة الصدر، والأبوة الحقيقية، فكن لهم أبًا حنونًا وصدرًا دافئًا.
خامسًا: كوِّن عند كل طالب مفهوم ذات إيجابي عن نفسه، وامدحه إذا أحسن، وتألم على سلوك سيئ وقع منه، ولا تقطع حبل الود والحب والتقدير، والثقة بينك وبين طلابك، وخذ بأيديهم إلى الرقي والتقدم، والقرب مِن رب البرية.
سادسًا: اصنع منهم قادة، واجعل الحوار والنقاش، والإقناع، ولين الجانب، والصبر، علامة جودتك بين طلابك، وكن مميزًا بالحوار والتفاعل.
سابعًا: ادرس خصائص مرحلتهم، واعمل على تلبية احتياجاتهم، وأكثِر مِن الاستعانة بالله، والذكر والتسبيح، وسوف تجدهم في يدك ألين مِن العجين.
ثامنًا: اضبط مشاعرك وتحلى بالرفق واللين والحلم، والصبر، والرحمة، ولا تكن فظًّا غليظًّا، فإن النفوس تنفر مِن الفظ الغليظ، وتأوي إلى الرفيق الرحيم، قال الله -سبحانه وتعالى-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران:159).
تاسعًا: احرص على نفع طلابك وهدايتهم الدينية والدنيوية -ولن ينسى أحدهم هذا الأثر الجميل-، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ) (متفق عليه).
عاشرًا: طوِّر من نفسك، واستخدِم الإستراتيجيات الحديثة في التعليم لينتفع منك الطلاب، ولا يزهدون فيما عندك، ولا تصيبك الشيخوخة، وتفقد لياقتك التربوية والمهنية.
حادي عشر: احرص على تحضير دروسك جيدًا مستخدمًا الوسائل التعليمية والوسائط التكنولوجية الحديثة، فإن لها أثرًا في تيسير التعليم، واستمرار عملية الارتقاء.
ثاني عشر: اجعل الطلاب مشاركين معك في العملية التعليمية، وكلهم شوق وحب لهذا اللقاء النافع الماتع؛ اجعلهم شركاء لا مستمعين، ولاعبين لا متفرجين؛ لتصنع فيهم الإيجابية، وتفجِّر الطاقات الكامنة، وتكتشف المواهب المدفونة.
ثالث عشر: احرص على اكتشاف قدرات ومواهب طلابك، وطوِّرها ووظفها، فكثيرٌ مِن الطلاب لا يعرف ما يميزه، ويحتاج لمَن يكتشفه، ويزرع فيه الثقة في الله -عز وجل-، والثقة في نفسه.
رابع عشر: فكر كل يوم: كيف تحب طلابك، وكيف تنفعهم؟ ابذل جهدك في البحث والتنقيب عما يفيد، فإنك داود العصر الذي تنتظره الأمة لتغيير الواقع إلى واقعٍ أفضل.
خامس عشر: استعن بالله ولا تعجز؛ فالحمل ثقيل، والواجبات كثيرة، والمكافئات قليلة، لكنك سفير وتحمل رسالة التغيير والبناء والتشييد؛ فاحرص على أن تكون مخلِصًا في عملك لله -عز وجل-؛ فالكلمات المخلصة تجد طريقها إلى القلوب مهما طال عليها الزمان.