كتبه/ مصطفى دياب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فهنالك مشكلة يقع فيها الكثير مِن الشباب خاصة في سنِّ المراهقة، وهي أنه لا يدري كيف يتصرف إذا كان لديه صاحب سوء بالفعل: هل يتركه أم يستمر في مصاحبته فهو صديق العمر؟! وللأسف -أحيانًا- لا يرى أنه صديق سوء!
أخي الحبيب... لو أنك وضعتَ ثمرة فاكهة واحدة فاسدة في صندوق فاكهة سليمة، فهل الفاكهة السليمة ستتأثر أم لا؟! كذلك أنتَ، مع كثرة مصاحبة قرناء السوء ولو كان فردًا واحدًا فإنه يؤثِّر عليك سلبًا؛ فلابد مِن قطع كل صلة بينك وبينهم؛ لا تخالطهم إلا لتنصحهم ثم تبتعد، ولا تجلس بينهم وتستمر في مخالطتهم بحجة أنك تنصحهم، فإنك بلا شك ستتأثر بهم وبصفاتهم، فقط قدِّم لهم النصيحة ولا تخالطهم، وادعُ لهم بالهداية والصلاح.
فإذا كان لديك صديق سوء تريد أن تبتعد عنه ولا تخالطه؛ فهذه أمور تساعدك على هذا الأمر:
1- عليك بتقوية صوت الواعظ في قلبك: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ، فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ، ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا، وَلَا تَتَعَرَّجُوا، وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ، قَالَ: وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ، وَالسُّورَانِ: حُدُودُ اللهِ، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ: مَحَارِمُ اللهِ، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ: كِتَابُ اللهِ، وَالدَّاعِي مِنِ فَوْقَ الصِّرَاطِ: وَاعِظُ اللهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، فإذا قوي هذا الواعظ في قلبك، فإنك لن تستجيب لتلك الأبواب المفتحة، ولن تستجيب لمعصيةٍ أو لمخالفة حدود الله.
2- أن تعرف أن هذا الشخص صديق سوء: فتتبين أخطاءه ومعاصيه لله، بل ودعوته لك لتشاركه في معصية الله، فإن استبصار المشكلة أول خطوات الحل، فأزل عن عينيك الغشاوة، وكن واثقًا بنفسك معتدًا بذاتك، ولا تدع نفسك لصحبة الأشرار والمنحرفين (أنتَ لستَ منحرفًا!).
3- اقترب مِن ذوي التأثير الإيجابي مِن قرنائك: فعليك أن تستبدل قرناء السوء بأصدقاء صالحين لهم تأثير إيجابي عليك، وعليك أن تصاحب مِن الأصدقاء ذوي الأخلاق الحسنة والصفات الحميدة الذين كلما رأيتهم تولد لديك الدافع للاستقامة على طريق الله، والنجاح في الحياة فإنك تتأثر دون أن تشعر، وتتغير وأنت لا تدري.
4- درب نفسك على اتخاذ القرارات المناسبة في الأوقات المناسبة: فكثير مِن المراهقين يخجلون مِن قول (لا) حتى لا يظهروا بمظهرٍ سيئ أمام أصدقائهم، فقد يفعلون المعصية ويفعلون ما يضرهم؛ لأنهم لا يقولون (لا) لما يرونه خطأ، فتجده يقع في المعصية حتى لا يصفه صديقه بأنه (طفل) وقد يكون غير مقتنعٍ، ومِن هنا يبدأ الانحراف، ولعلك سمعت قصة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عندما كان صبيًّا صغيرًا يرعى الغنم، ورآه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر -رضي الله عنه-، فطلبا منه أن يشربا مِن لبن الغنم التي يرعاها ظنًّا منهما أنها أغنامه، فرفض ذلك؛ لأنه ليس مالكًا لهذه الأغنام، فقال: "لا أفعل، فالغنم ليستْ لي، وأنا عليها مؤتمن".
انظر كيف قال للخطأ: (لا)، وهو صبي صغير، ولم يكن أسلم بعد!
فهل لو دعاك صاحبك إلى معصية أو سلوك خاطئ: هل ستستطيع أن تقول: (لا)؟!
إذا دعاك -مثلًا- لشرب الدخان أو معاكسة البنات أو الدخول على المواقع الهابطة أو فعل العادات السيئة، هل تستطيع أن تقول له: (لا)؟
درب نفسك أن تقول: (لا) لكل ما يغضب الله -عز وجل-.