الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 22 فبراير 2018 - 6 جمادى الثانية 1439هـ

مِن أعظم القُرُبات... التيسير على الخلق والعباد

كتبه/ محمود عبد الحفيظ البرتاوي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن الإسلامَ دينُ اليسر والتيسير، وهو قائم على الرحمة، ورفع المشقة والحرج؛ ابتداءً مِن العقيدة وانتهاءً بأقل أمور التكاليف مِن الطاعات والعبادات والمعاملات، قال الله -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج:78)، وقال -سبحانه-: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة:185).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنّ اللَّهَ -تَعَالَى- رَضِي لِهذِهِ الأُمَّةِ اليُسْرَ، وكرِهَ لَها العُسْرَ) (رواه الطبراني، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا، وَلَا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا) (رواه مسلم).

ولمحبة الله -تعالى- للتيسير على الخلق، فإنه ييسر -سبحانه- على مَن ييسر عليهم، ويتجاوز عمَن يتجاوز عنهم: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (يُؤْتَى بِرَجُلٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ: انْظُرُوا فِي عَمَلِهِ، فَيَقُولُ: رَبِّ، مَا كُنْتُ أَعْمَلُ خَيْرًا غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ لِي مَالٌ، وَكُنْتُ أُخَالِطُ النَّاسَ، فَمَنْ كَانَ مُوسِرًا يَسَّرْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ مُعْسِرًا أَنْظَرْتُهُ إِلَى مَيْسَرَةٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أَحَقُّ مَنْ يُيَسِّرُ، فَغَفَرَ لَهُ) (رواه أحمد بسندٍ صحيح).

- وقد رغـَّب الشرع الشريف ترغيبًا شديدًا في التيسير على عباد الله والتخفيف عنهم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) (رواه مسلم)، وقال  -عليه الصلاة والسلام-: (مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ, كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا) (رواه مسلم).

- وذكر الله -تعالى- قول الرجل الصالح لموسى -عليه السلام-: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ) (القصص:27).

بل جاء الترغيب في التيسير على العباد حتى في الطاعات والعبادات: فعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلاَنٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلَم-، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ) (متفق عليه).

- فالحذر... الحذر مِن أن نكون سببًا في تنفير الناس والمشقة عليهم؛ فإن الشرع الشريف قد حذر مِن ذلك أشد التحذير: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ) (رواه أحمد، وحسنه الألباني).

- وهذا التيسير على العباد لا يكون على حساب دين الله وشريعته: قال العلامة "الألباني" -رحمه الله-: "فيجب أن نعلم أن التيسير على الناس لا يكون على حساب الدين ومخالفة نصوصه، وإنما التيسير على الناس هو بتطبيق الإسلام؛ لأن الإسلام هو في أصوله وفي أسسه بني على اليسر، فإذا حرَّم الله شيئًا؛ فليس معنى ذلك أنه عسر علينا؛ لأنه حينما يحرم علينا أمرًا ما فذلك لصالحنا في الدنيا قبْل الأخرى".