الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 31 يناير 2018 - 14 جمادى الأولى 1439هـ

فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ

كتبه/ حنفي مصطفى

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن الله -سبحانه وتعالى- يختبر عباده بالسراء والضراء، قال -تعالى-: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (الأنبياء:35)، وقال: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (هود:7). أي نختبركم بالسراء والرخاء والنعمة، كما نختبركم بالضر مِن الفقر والمرض والموت، والهم والغم؛ لنرى شكركم في الخير، وصبركم و دعاءكم في الضر.

ولا ينجو العبد مِن الضراء ويُستجاب له، ويصرف الله عنه الضر والبلاء؛ إلا إذا كان له رصيد مِن الخير مِن العمل الصالح مِن صلاة وذكر في حال الرخاء والسعة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَلا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا نَزَلَ بِرَجُلٍ مِنْكُمْ كَرِبٌ أَوْ بَلاءٌ مِنْ بَلايَا الدُّنْيَا دَعَا بِهِ يُفَرَّجُ عَنْهُ؟), فَقِيلَ لَهُ: بَلَى، فَقَالَ: (دُعَاءُ ذِي النُّونِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ) (رواه النسائي والحاكم، وصححه الألباني)، وقال -تعالى-: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء:87-88).

وذكر الله سبب نجاته واستجابة دعائه فقال: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (الصافات:143-144).

وذكر الله استجابته لنبيه زكريا -عليه السلام- لما قال: (رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) (الأنبياء:89)، فقال -تعالى-: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ)، وذكر سبب الاستجابة فقال: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) (الأنبياء:90).

فكان العمل الصالح مِن صلاةٍ وذكر وغيرها مِن الأعمال مِن الخشوع والمسارعة إلى الخيرات هي سبب النجاة مِن الهمِّ والغمِّ، واستجابة الدعوات في حال الشدة والبلاء؛ فكونوا مِن أولي الألباب المنتفعين بفصل الخطاب مِن كلام الملك الوهاب، كاشف الكربات، ومجيب الدعوات، ومنفس ومزيل الهموم والغموم.

اللهم رد المسلمين إلى دينهم ردًّا جميلًا، واهدهم صراطًا مستقيمًا.

والحمد لله رب العالمين.