الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
أفيُنقَم من الإسلام أنه دين رباني يحوي شريعة إلهية عظيمة، تحرر العباد من عبادة العباد، وحثالات الأفكار والأهواء والأغراض؛ ليكونوا عبيدًا لله وحده لا شريك له؟!!
(إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يوسف40).
(مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) (الكهف:26).
(فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) (النساء:65).
(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الكافرون) (المائدة:45).
(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50).
أيُنْقَمُ منه أنه أمر بالتوحيد الخالص لله رب العالمين، ونبذ الشرك والشركاء؟، التوحيد الذي دعا إليه الأنبياء كافة، والذي يوافق العقول والفطر السليمة، ويحرر البشرية من الرق لغير الله خالقهم ورازقهم الذي إليه المرجع وبيده الحساب.
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا) (الإسراء:23)، (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) (النساء:36).
(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) (النحل:36).
(إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا) (النساء:116) (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون:115).
أم يُنْقَمْ عليه أنه دين محفوظ بحفظ الله -تبارك وتعالى- له، وقاه الله -عز وجل- من التحريف والتبديل والعبث، فلا سبيل لأيدي المحرفين للعبث وفق الأهواء الغبيات؟
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9).
(لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42).
أيُنْقَمُ منه أنه دين يأمر بالعدل ويحرّم الظلم، ويحذر أهل الإيمان من المحاباة، أو إتباع الهوى في إقامة ميزان العدالة الربانية؟، فلا فرق في إقامة حدود الله بين جنس أو لون أو عقيدة، وليس لحاكمٍ، ولا لأسرة، ولا لطبقةٍ أي حق زائد عن حقوق الفرد العادي، فهو يضمن العدالة المطلقة في علاقات الأمم والطوائف والأفراد.
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) (النساء:58).
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90).
وفى "صحيح مسلم" عَنْ أَبِي ذَرٍّ عنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا) "مسلم ج 12 ص 455".
وعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) "مسلم ج12ص 456".
عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا)، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟، قَالَ: (تَحْجُزُهُ -أَوْ: تَمْنَعُهُ- مِنْ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ)، وفى رواية: (تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ) "صحيح البخاري ج 21 ص 283".
فالإسلام لا يضع وزنًا للعداوة والبغضاء، وما تحويه النفوس من ضغينة أو مودة أمام إقامة العدالة الحق:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ) عداوة (قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة:8).
كما لا يقيم وزنًا لصداقة أو قرابة؛ إذا عارضت الحق، ولو كان الوالدين، بل ويوجب شهادة الحق حتى على النفس، ولا محاباة، أو بغيٍ على غني أو فقير.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (النساء:135)، (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الأنعام:152).
قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ؛ لَقَطَعْتُ يَدَهَا) "صحيح البخاري ج 11 ص 294".
أيُنْقَمُ منه أنه أمر بمكارم الأخلاق، والإحسان للوالدين، والأرحام، والأيتام، والضعفاء، والجيران، والمغتربين ولو كانوا غير مسلمين؟!
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) (النساء:36).
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) (الإسراء:23).
(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُ تَعْمَلُونَ) (لقمان:15).
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) (الإنسان:8-10).
أيُنْقَمُ منه أنه يحمي المجتمع من الرذيلة، والعري، والانحلال، والدياثة، واختلاط الأنساب، ويأمر بالعفة، والطهارة، والستر؟!
(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32).
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ) (النور:30-31).
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) (النور:19).
أيُنْقَمُ منه أنه أوجب النفقة للمرأة على الرجل، وأكرمها من الامتهان، وإذلال الفسّاق، والتعرض للذئاب المتخفية؟!
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق:7).
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) (الطلاق:6).
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).
أيُنْقَمُ منه أنه حمى الأفراد والمجتمعات، وأمر بصلاح العقيدة والعبادات والأخلاق، وشرع لنا أعظم الأحكام والتشريعات التي يَسعدُ بها ويرى عظمتها من سلِمت فطرتُه، وبقيت نَخوته، ولم يتدنّس بأوحال العقول المنتنة الساقطة؟!، ماذا حصّلنا وحصّل الآخرون من حكم الأهواء وحكم الأسود المجرمين: دياثة وإجرام، وقتل وإرهاب، واحتلال واغتصاب، وتفريق وإذلال، وكذب وافتراء؟! فأين العقول؟ وأين الأفهام؟ ألم تقرءوا التاريخ؟
يا دعاة الضلال، إن المتأمل ليُشفق على ما جنيتم على أنفسكم ورضيتم لها، بل لم تكتفوا لأنفسكم بالهلاك، لتهلكوا مجتمعاتكم وأبنائكم وبناتكم؛ لتعظُم مصيبتكم عند الله يوم القيامة (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (العنكبوت:13)، استهنتم بدين الله؛ فقست قلوبكم، فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة، أجهدتم أنفسكم في إبعاد الناس عن دينهم؛ فكان هذا الذل والهوان، ووالله لا تزدادون إلا شقاء وغفلة وذلاً واحتقارًا، ثم إن غدًا لقريب.
أخي المسلم الحبيب، دين الإسلام دين عظيم جليل شامل، أنزله الله -عز وجل-؛ لينظِّم الحياة بأسرها: حياة الأفراد والمجتمعات؛ ليقوم الناس خير قيام بتحقيق الغاية التي خلقوا من أجلها- تحقيق العبودية لله -تبارك وتعالى- وحده لا شريك له؛ ولترتقي البشريةُ -ِوفقَ هذا المنهج- لأرقى وأمثل مكارم الأخلاق، وأجلّها، وأحسنها، ولو جلسنا نتحدث عن عظمة وحكمة كل حكم من أحكام الإسلام؛ لطال المقام جدًّا ولكن تذكرة سريعة لصاحب القلب الحي، والله الهادي إلى سواء السبيل.
أخي المسلم، فهل تعتزُّ بهذا الدين حقا؟ للأسف سنوات طوال من تَجهيل الناس بدينهم، لا يُعلَّمون إلا النزر اليسير من دين الله -عز وجل- على ما يوافق الأغراض والرغبات، ولا يُعلَّمون شيئًا عن عظمة أحكامه وجلالها، مع إغراق الناس في الشهوات والمُلهيات، وإشغال للناس خلف لقمة العيش وهموم الدنيا، وشبهات وتشكيكات وعلماء سوء؛ حتى سقط الكثيرون في الفخ، فمنهم -والعياذ بالله- من ارتمى في أحضان المنافقين، وصدق فيه خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- حين وصفه فقال: (يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ) (رواه الإمام أحمد ومسلم)؛ وكثير من الناس رضي بلقمة عيشه، واللهث خلف دنياه، متفرجًا لا همة له ولا طاقة، رضي بالجهل، أو آثر الذل، وكثيرون آخرون عندهم نخوة يغارون على القدر اليسير الذي يعرفونه من دينهم، رغم أنهم لا يعلمون الكثير عن تفاصيل هذا الدين وقوته.
ورضي الله عن عمر بن الخطاب الذي نصر الله -عز وجل- به هذا الدين وفتح الله له الفتوح، وسقط في عهده دولتا الفرس والروم قال -رضي الله عنه- لما خرج؛ ليتسلّم مفاتيح بيت المقدس فعرضت له بركة ماء، فنزل من على بعيره، ووضع نعليه تحت إبطيه، فأراد أبو عبيدة -رضي الله عنه- أن يعاتبه؛ لئلا يراه الروم بلباس مبتذلة.
فقال -رضي الله عنه- كلمة تسطّر بأغلى من الذهب، كلمة صارت نبراسًا لمن أراد العز، كلمة خلّدها التاريخ نذكرها حتى يومنا هذا: "إنكم كنتم أذل الناس، وأحقر الناس، وأقل الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبون العز بغيره؛ يذلكم الله -عز وجل-".
وقال له الجلومس -رأس الروم-: "أنت ملك العرب، وهذه بلاد لا تصلح بها الإبل، فلو لبست شيئًا غير هذا، وركبت برذونًا؛ لكان ذلك أعظم في أعين الروم. فقال: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فلا نطلب بغير الله بديلاً". "تاريخ الخلفاء ج 1 ص 75".