الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 24 يناير 2017 - 26 ربيع الثاني 1438هـ

هل كفارة الظهار المعلـَّق بغرض التهديد كفارة يمين مثل الطلاق المعلق؟

السؤال:

1- أنا كنتُ أعلم أن الظهار المعلـَّق على شرط تجب فيه كفارة الظهار، ثم قرأتُ أن شيخ الإسلام وجماعة مِن العلماء المعاصرين على أن الظهار المعلَّق مثل الطلاق المعلق تجب فيه كفارة يمين ولا فرق بينهما إذا كان الحالف بالظهار يقصد التهديد ومنع زوجته مِن فعل شيء ما، فهل هذا صحيح أنه لا فرق بيْن الطلاق المعلق والظهار المعلق؟ أم هناك فرق بينهما؟ وما هو؟

2- هل يجوز في كفارة الظهار أن يُخرِج المظاهِر إطعام 20 أو 30 مسكينًا، ويجامع زوجته قبْل الانتهاء مِن إخراج كفارة الإطعام "60 مسكينًا"؟ أم لا بد من الانتهاء من إطعام الـ"60 مسكينًا" كلهم قبل الجماع مثل عتق الرقبة والصيام (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) (المجادلة:3)، مع أن الإطعام لم يأتِ في الآية عند ذكره: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا)؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- بل اليمين المغلظة "كالظهار" فيها كفارة "مغلظة"، وحديث سلمة بن صخر -رضي الله عنه- فيه ظهار معلـَّق بغرض منع نفسه مِن إتيان امرأته، ووجب في ذلك عليه "كفارة ظهار"، فعَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الأَنْصَارِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً قَدْ أُوتِيتُ مِنْ جِمَاعِ النِّسَاءِ مَا لَمْ يُؤْتَ غَيْرِي، فَلَمَّا دَخَلَ رَمَضَانُ تَظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ فَرَقًا مِنْ أَنْ أُصِيبَ مِنْهَا فِي لَيْلَتِي فَأَتَتَابَعَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُدْرِكَنِي النَّهَارُ وَأَنَا لا أَقْدِرُ أَنْ أَنْزِعَ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَخْدُمُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ فَوَثَبْتُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُمْ خَبَرِي فَقُلْتُ: انْطَلِقُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأُخْبِرَهُ بِأَمْرِي، فَقَالُوا: لا وَاللَّهِ لا نَفْعَلُ، نَتَخَوَّفُ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا قُرْآنٌ أَوْ يَقُولَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقَالَةً يَبْقَى عَلَيْنَا عَارُهَا، وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ.

قَالَ: فَخَرَجْتُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي، فَقَالَ: (أَنْتَ بِذَاكَ؟) قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ. قَالَ: (أَنْتَ بِذَاكَ؟) قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ. قَالَ: (أَنْتَ بِذَاكَ؟) قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ، وَهَا أَنَا ذَا فَأَمْضِ فِيَّ حُكْمَ اللَّهِ فَإِنِّي صَابِرٌ لِذَلِكَ. قَالَ: (أَعْتِقْ رَقَبَةً). قَالَ: فَضَرَبْتُ صَفْحَةَ عُنُقِي بِيَدِي، فَقُلْتُ: لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ غَيْرَهَا. قَالَ: (فَصُمْ شَهْرَيْنِ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَلْ أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي إِلا فِي الصِّيَامِ؟! قَالَ: (فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا). قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ وَحْشَى، مَا لَنَا عَشَاءٌ. قَالَ: (اذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ، فَقُلْ لَهُ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ فَأَطْعِمْ عَنْكَ مِنْهَا وَسْقًا سِتِّينَ مِسْكِينًا، ثُمَّ اسْتَعِنْ بِسَائِرِهِ عَلَيْكَ وَعَلَى عِيَالِكَ) قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي، فَقُلْتُ: وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّعَةَ وَالبَرَكَةَ، أَمَرَ لِي بِصَدَقَتِكُمْ فَادْفَعُوهَا إِلَيَّ، فَدَفَعُوهَا إِلَيَّ. (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

2- لا يجوز له أن يجامع زوجته قبل أن يطعم ستين مسكينًا؛ لأن الإطعام وجب بدلاً مِن الصيام عند العجز عنه، والصيام قد نص على أنه لا بد أن يصوم الشهرين قبْل أن يتماسا (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) (المجادلة:4)، والبدل حكمه حكم المبدل منه.