في المسجد النبوي..
وبعد الفراغ من صلاة القيام..
وقف وحده متنفلاً..
لا يهتز.. ولا يتمايل..
ولا يراوح بين قدميه..
لأنه ليست له قدمان!!
شاهدتُ هذا المشهد الذي صوَّره أحد الإخوة،
وانتشر على الشبكة..
لهذا الرجل المبتورة إحدى ساقيه..
يقف على ساق واحدة..
يصلي لله..
اقشعر بدني..
ودمعت عيناي..
واشتقت أن أرسل له هذه الكلمات..
من فيض ما جاش في صدري..
(1)
أبتاه..
ما أعظم حكمة ربي ولطفه!
إن كنتَ قد حُرمتَ من نعمة الساقين..
فإن نعمة الأنس بالله..
ولذة التنعم بالقرب منه..
والذي أنساك أنك ترتكز على ساق واحدة..
واللهِ..
إنه لأجلُّ من ساقين معطلتين كساقيَّ..
يا ليت لي هذا الشوق وهذا الحب وهذا النعيم..
فاللهم لا تحرمني بجُرمي..
(2)
أبتاه..
عاقل بني آدم يخطو بقدميه إلى رضوان ربه..
فتتفاوت الخطى..
أما أنت وقد (أُنعِم) عليك..
فتخطو بقلبك..
وما أدراك ما خُطى القلب!
(3)
أبتاه..
علمتَني أن كثيرًا مما يقوله الناس وهمٌ..
فهم إن رأوك قالوا: عاجز،
وإن رأوني قالوا: صحيح،
لكنهم إن أنصفوا..
لكنتُ أنا الأولى بوصف العجز..
فإنه ليس عجز الأبدان..
وإنما عجز الروح.
فساقان معطلتان ونفس متوانية..
لا تساوي شيئًا في ميزان القيامة.
(4)
أبتاه..
لقد فضحتني..
نعم.. واللهِ لقد فضحتني أمام نفسي..
لقد ألجمتها حُجة النعم..
وأوقفتها أمامك حائرة لا تملك جوابًا..
ولا تنبس بعذر من أعذراها الواهية..
وتبريراتها الجوفاء..
تلك.. التي طالما أدمت قلبي..
(5)
أبتاه..
بعد أن رأيتُك..
كرهت ساقيَّ..
نعم.. كرهتُهما..
ما أكسلهما.. ما أكفرهما بنعمة ربها،
ولكن.. أهُما كذلك..
أم أنني أحملهما جُرمي وذنبي وما اقترف قلبي؟!
(6)
أبتاه..
لستَ عاجزًا..
.. بل أنا العاجز.
(7)
أبتاه..
لولا علمي بأن لي ربًّا كريمًا..
لسألتُ اللهَ قلبك..
وإن حُرِمت ساقِي،
ولكن فضل ربي واسع..
فاللهم أنعم عليَّ بطاعتك،
وعافني في بدني وسمعي وبصري..
وقلبي.