ابني يسائـلـنـي، والقــلب مكتـئبُ |
إلـى مــتـى هـذه الأحـوال تـضـطــربُ؟ |
إلى متى أمَّـتـي تبقـى على جُـرُفٍ |
هــارٍ يحــاصـرهـا الإعــياء والتـَّعَــبُ؟ |
إلى متى يا أبـي تبـقـى مَـواجـعُـنا |
نـاراً مـن الحزن في الأعماق تَلْتَهــِبُ؟ |
إذا نـظـرتُ إلى التِّلفـاز أرْعـبـني |
طــوفـان ظـلمٍ، لـه فـي أرضـنا صَـخَبُ |
وحين أصغي إلى الأخبار يُلْجِمُني |
خـوفٌ، لـه فـي حنـايا مُـهجتـي شُـعَـبُ |
فـلـسـت أسـمـع إلا صـوتَ أمّـَتِـنا |
تَـئـِنُّ، والـمـعـتـدي يـسـطـو ويـغـتصبُ |
ولـسـت أُبـصـر إلاَّ وَجْـهَ طـاغـيةٍ |
لــكــلِّ فــعــلٍ مـن الـعــدوانِ يـرتــكــبُ |
إذا نَظَـرْتُ إلى الأقصى، رأيـتُ يداً |
لـلـمعـتـدي، بـدمـاءِ الـنَّـاس تَـخْـتَضِـبُ |
وإنْ نـظــرتُ إلـى آفــاقِ غــزَّتـنـا |
رأيـــتـُـهـا بـنـقــاب الـحــزنِ تَـنتْـتَـقِـبُ |
تَبيتُ في ظلمات الحزنِ، يهجـرها |
فـي لـيلـهـا المـُدْلَـهِــمِّ البدرُ والشـّـُهـُبُ |
وإنْ نـظـرت إلى بغدادنا احـترقـتْ |
أوراقُ صـبـري وأَوْرى زَنْده الـغــَضـَبُ |
مـــاذا أعــدِّد مــن أحــداث أمـتـنـا |
وكيف يَـروي الأسى مأساة مَنْ نُكِبُوا؟! |
إنــي لأســألُ نفسي: كيف تنفعني |
هــذي الــدفــاتـرُ والأقـــلامُ والـكـتـبُ؟! |
وكيـف ينـفعـني تعـليمُ مَدْرستي |
وشـمس إِحسـاسـنا بالأمـنِ تـحـتجـبُ؟ |
وكـيـف أطـمـع فـي تحقيق أمنيتي |
وأمـتي خَــلْـفَ بـاب الــذُّلِّ تـنـتحــبُ؟! |
أبي العزيزَ، أَجِبْني: كيف تحملني |
رِجْلاي والدَّرْبُ فيه الخوفُ والـرَّهَـبُ؟! |
أمــا ترى يا أبـي آفـاقَ أمَّـتـِنـا |
فيها الــدُّخــانُ، وفــي أوطـانها الشَّغَبُ |
أمـوالُ أمـتـنـا في الأرض سـائحةٌ |
ونــحــن عــنـد فُـتــاتِ الـحُـزْنِ نَحْتَرِبُ |
مستقبلي أيُّها المحبوب أرَّقني |
أخــاف ممـَّن بـنا فـي عــصـرنـا لـَعِـبوا |
بُـنـيَّ - مَهْلَك - فـالـدنيا لها خُلـُقٌ |
مـــن التـلـوُّنِ، فــيـه الـحــالُ تـنـقــلــبُ |
يـضيع فيها مَنْ اغترُّوا بزينتها |
ومـَنْ عـلى مـتـنـها نَـحْـوَ الـرَّدَى ركبوا |
فـي هـذه الأرض أسبابٌ مَن انصـ |
رفوا عـنها فـلـيس لهـم فـي نـَيْلـِها أَرَبُ |
فكم تـَواثبَ قومٌ بعدما عـثروا |
وكم تـعـثَّـر قـومٌ بـعـدمـا وثـبـوا |
وكم تمكـن قوم بعدما انهزموا |
وكـم تــضـعـضـع قـوم بـعــدما غلبوا |
بُنيَّ ما زال في الدنيا لذي خُلُقٍ |
مكانــةٌ تــتسـامى عـندهــا الرُّتَبُ |
ومـا يليق بـنا يَأْسٌ ونحن عـلى |
هـــَدْيٍ مـــن الـملَّــةِ الـغـرَّاءِ نـحـتسِــبُ |
خُذْ يا بُنَيَّ بأسباب النجاح فكم |
نـال المجـدُّون ما رامـوا وما طلـبوا |
صـوتُ الهزيمةِ صوتٌ لا مكانَ له |
عنـد المـجـاهـدِ مهـما زادتِ الكُـرَبُ |