الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 03 ديسمبر 2013 - 30 محرم 1435هـ

مكانة الشريعة الإسلامية في دستور "2013م"

السؤال:

1- أريد أن أستوضح من فضيلتك عن وضع الشريعة الآن في الدستور الجديد، وما الموقف من لجنة الشياطين -أقصد الخمسين- بعد ما ظهر منها ما ظهر، وعبثها بالدستور لا يخفى على أحد، وظهر لكل ذي عينين أن القوم لا اعتبار عندهم لأي شرع أو قيم أو مُثُل طالما انتسبت إلى الإسلام... وقد حاربوا بكل ما عندهم مِن قوة المادة (219) وأي تفسير لمبادئ الشريعة الإسلامية، وأصبح واضحًا تمامًا أنهم لا يطيقون الإشارة إلى الشريعة لا من قريب ولا من بعيد، وإلا فحتى (المادة الثانية) نفسها كان هدفهم بعد ثورة (25 يناير) محوها من الدستور... فلماذا بعد كل هذا استمررنا في التواجد معهم ومجالستهم؟ وما الذي حققناه أو سنحققه من وراء "لجنة الشياطين"؟!

2- هل في هذا الدستور ما يجعلنا نرضى به؟! ولماذا نستمر معهم ونحن لا نضمن أصلاً -إن حققنا فائدة- أن يحصل تغيير حقيقي في مجتمعنا بالنظر إلى ما هو عليه الآن؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فقد أمكن -بحمد الله تعالى- أن يُوضع في الدستور تفسير لمبادئ الشريعة يلتزم بمجموع أحكام المحكمة الدستورية "وليس حكمًا واحدًا الذي فيه قطعي الثبوت والدلالة معًا"، ومن أهم ذلك -مما لم يوضع في أي دستور سابق- حكم سنـ85ــة، الذي ينص على:

أ- إلزام المشرِّع بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية.

ب- وإلزامه بعدم الالتجاء إلى غيرها.

ج- وإلزامه بأنه إذا لم يجد حكمًا صريحًا؛ فيلزمه الرجوع إلى مصادر الاجتهاد في الشريعة الإسلامية.

د- كما يُلزمه بمراجعة المنظومة القانونية التي استقرت عشرات السنين؛ لكي يغير منها ما يخالف الشريعة، ليوجِد منظومة أخرى قائمة على القرآن والسنة، وأقوال المجتهدين.

كما وُضع حكم سنـ95ــة، وسنـ97ــة، وفيهما النص على مرجعية الإجماع؛ فأصبح ذلك المجموع مع حكم سنــ96ــة وما بعدها - ملزمًا في التفسير بالمجموع، مع أن حكم سنــ96ــة ظاهره الالتزام بقواعد الاجتهاد، ويتضمن أيضًا عدم جواز مخالفة المتفق عليه، وإنما يجوز لولي الأمر الأخذ بما يحقق المصلحة في المختلف فيه.

وفائدة هذا الحكم الأساسية في بيان ضوابط الاجتهاد، وكل هذا الذي ذكرتُ يُعد تفسيرًا مرضيًا من الناحية العقدية في مسألة الشريعة، وهذا الذي نبحث عنه الآن.

2- التغيير الحقيقي يحتاج بلا شك إلى تدرج مبني على القدرة والعجز، والمصلحة والمفسدة، ودعوة إلى الله وإصلاح للمجتمع، ولا شك أن الوصول إلى مثل هذا في الدستور -مع فوائد أخرى تُبيَّن في موضعها- من لجنة لا يمكن بحال أن تُنسب إلى إسلاميين "سلفيين أو إخوان" - هو توفيق مِن الله وحده.

ولابد أن ندرك الفرق دائمًا بين الممكن المتاح وبين المطلوب المرجو، وأن نكون ناظرين عند المقارنة بين البدائل المطروحة "لا المثالي المطلق"، ولابد أن ننظر في المآلات والنهايات.

وبالتأكيد ليس كل ما في الدستور الجديد يرضينا، كما كان الأمر أيضًا في دستور "2012م"، فليس كله مرضيًا لنا، ولكن دائمًا ننظر إلى الممكن، وليس فقط المطلوب؛ فنضع المطلوب أمام أعيننا، ونسير بالمتاح إلى أن نصل -بإذن الله-.

وفي النهاية: لا أرضى عن التعميم الظالم في قولك: "لجنة الشياطين!".