الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 20 أغسطس 2013 - 13 شوال 1434هـ

استمرار النزول والمشاركة في التظاهرات بزعم سلميتها

السؤال:

1- كنت في المظاهرات وكنا سلميين لا نحمل سلاحًا، وكان أحد المجرمين يُعمل القتل في شباب الإخوان السلميين وقتل أكثر من واحد، فإذا بأحد الأشخاص لا أعرفه يريد أن يقتله، ولما قلت له هذا حق ولي الأمر أو أهل القتيل قال لي: هذا قاتل ودمه حلال... فهل هذا صحيح؟ وما حكم الاستمرار في المظاهرات السلمية حتى لا تموت القضية؟

2- إذا كان قتله لا يجوز فكيف يتوب من قتله وما يلزمه من الحقوق في ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فلا يوجد شيء الآن اسمه مظاهرات سلمية، والدليل ما رأيتَ أن واحدًا لا تعرفه أراد قتل هذا الشخص؛ فهو يحمل سلاحًا إذن، والمظاهرة التي فيها البعض يحمل السلاح ليست مظاهرة سلمية، ولو كانت سلمية تمامًا وتعلم أنهم مقتولون أو يُقتل منهم من قِبَل المجرمين والظالمين؛ فأين في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن تدخل صدامًا كهذا بلا عدة؟!

ولو قلتَ: عندنا عدة... ! فيا عجبًا مِن موازين مختلة في عقول قد غابت عن الوعي والواقع، ولم تجزم بعد بأن العدة غير متكافئة بالمرة؛ وقد كنتُ أقول إنها واحد إلى مائة، والآن أقول: بل واحد إلى ألف وأقل!

ولم يعد من نتيجة لهذه المظاهرات إلا تخريب البلاد وتحويلها لفوضى يعم فيها القتل والجراح والنهب، وتزداد أعداء المسجونين ويعود البطش، وتتوقف الدعوة، وأنتم بمشاركتكم في مظاهرات فيها مسلحين تصنعون الطواغيت من جديد، وتدفعون مَن كان طاغيًا في الأصل إلى مزيدٍ من الطغيان.

وأما مَن يقول لك: "دمه حلال" فكاذب؛ لأن القتال بهذه الطريقة ليس مشروعًا، بل هو من نوع ما قال موسى -عليه السلام- في قتله للفرعوني: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) (القصص:15)، مع أنه كافرٌ بلا شبهة، مِن أعداء الإسلام؛ فكيف بمسلمين "إلا أن تكفروهم بالباطل والعقيدة الفاسدة"؟!

ولو كان فيهم منافقون، بل لو كانوا كلهم منافقين؛ لكان لابد من إعمال ميزان المصالح والمفاسد في تنفير الناس عن الدين: (لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ) (متفق عليه).

ولا شك في وجود تأويل لدى الجنود -ولو كان خطأ أو مخطئًا- فهناك من يقول لهم بأنهم يحمون البلاد من الفوضى والخراب والتقسيم ضد جماعات إرهابية تكفيرية؛ قد سمعوا هم ورأوا قرائن ذلك في الخطاب المدمر في "رابعة العدوية" وغيرها.

وعمومًا نحن ننهى الجميع عن القتل والقتال بيْن أبناء الوطن الواحد، وعامتهم أبناء الدين الواحد "الإسلام"، ونقول: "هذه فتنة من أعظم الفتن فطوبى لمن ربأ بنفسه عنها".

وأؤكد على إخواني وأبنائي في كل مكان ألا يشاركوا في هذه المظاهرات ولا في أي عمليات قتل أو اغتيال أو تفجير، ويتحملوا أذى الناس ويكفوا أذاهم عنهم، وأن يجتهدوا في إصلاح صورة العمل الإسلامي النقي بالدعوة إلى الله -تعالى- وسط الناس والمجتمع الذي نحن جزء منه؛ فهذا وقت الدعوة ووقت (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) (النساء:77)، وقت: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (الأعراف:128)؛ لا وقت القتال المُهلك للعمل الإسلامي الذي يؤدي إلى كسرته، وذلة المسلمين وقتلهم وحبسهم، وتشويه صورتهم، بل واستئصالهم إذا لزم الأمر!

2- وأما توبة القاتل مِن الطرفين فبالندم، وإن عَلِم أولياءَ المقتول دفع إليهم دية، وصام شهرين متتابعين كفارة.