الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 25 أبريل 2013 - 15 جمادى الثانية 1434هـ

حول فتوى: "التعزية في قتلى تفجيرات بوسطن"

السؤال:

شيخنا الكريم، أرجو الرد على ما ورد في فتوى فضيلتكم: "وجمهورية مصر العربية في رئاسة د."مرسي" تلتزم بمعاهدات دبلوماسية وغيرها مع الولايات المتحدة، فهم مع المصريين في حكم المعاهدين حتى ولو كانوا محاربين لدول إسلامية أخرى؛ فالدول التي يحتلونها صفتهم فيها تختلف عن الدول التي ترتبط معهم بعهد". وسؤالي:

1- أليس هذا يناقض قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)؟

- أليس هذا ترسيخًا لمبدأ "المواطنة والولاء للوطن" وأنه لا ينبغي للمسلم أن يهتم بأمر إخوانه المسلمين طالما أنهم من بلد أخرى غير بلده؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فليس بتناقض؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- التزم في صلح الحديبية برد من جاءه مسلمًا وفعل ذلك، ولما قَتلَ أبو بصير مَن قتل من المشركين وانصرف إلى ساحل البحر لم يعنه -صلى الله عليه وسلم- ولم ينهه عن فعل ما فعل؛ لأنه ليس داخلاً في حدود دولة المدنية وعهدها.

قال ابن القيم -رحمه الله- في بعض ما في قصة الحديبية من الفوائد الفقهية: "وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُعَاهَدِينَ إِذَا عَاهَدُوا الإِمَامَ فَخَرَجَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ فَحَارَبَتْهُمْ وَغَنِمَتْ أَمْوَالَهُمْ وَلَمْ يَتَحَيَّزُوا إِلَى الإِمَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الإِمَامِ دَفْعُهُمْ عَنْهُمْ وَمَنْعُهُمْ مِنْهُمْ، وَسَوَاءٌ دَخَلُوا فِي عَقْدِ الإِمَامِ وَعَهْدِهِ وَدِينِهِ أَوْ لَمْ يَدْخُلُوا، وَالْعَهْدُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَكُنْ عَهْدًا بَيْنَ أبي بصير وَأَصْحَابِهِ وَبَيْنَهُمْ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَ بَيْنَ بَعْضِ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ وَبَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ عَهْدٌ جَازَ لِمَلِكٍ آخَرَ مِنْ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْزُوَهُمْ وَيَغْنَمَ أَمْوَالَهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ، كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الإِسْلامِ فِي نَصَارَى مَلَطْيَةَ وَسَبْيِهِمْ، مُسْتَدِلاً بِقِصَّةِ أبي بصير مَعَ الْمُشْرِكِينَ".

2- ما ذكرتَه من عدم اهتمام المسلم بأمر إخوانه كلازم من لوازم الالتزام بالعهود كلام باطل حقيقته اتهام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك "وحاشاه من ذلك"؛ فالولاء عمل قلبي ولساني وعملي، لكن العملي منه مرتبط بالقدرة والعجز، والمصلحة والمفسدة، والعهد والحرب، قال الله -تعالى-: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (الأنفال:72).