الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 27 مارس 2007 - 8 ربيع الأول 1428هـ

الاستقامة

كتبه/ سعيد السواح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

أيها الحبيب:

يحتاج الإنسان إلى التذكرة دوماً وإلى تجديد الإيمان.

ويحتاج الإنسان أن يتعاهد إيمانه ويسعى لصيانته، ورعايته وحمايته من أي عامل من عوامل الهدم.

فلتسمع إلى ما خاطب الله به صفيه وخليله النبي المختار محمد -صلى الله عليه وسلم-: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (هود:112-115)

أيها الحبيب:

     هل سعيت في أن تتعرف على سبيل ربك المستقيم؟

     هل سعيت أن تتعرف على معالم هذا الطريق التي تميزه عن غيره؟

     وهل أنت ممن حقق الاستقامة على منهج الله -تعالى-؟

     وهل أنت تتعاهد إيمانك، وتتعاهد خطواتك التي تقطعها في هذا الطريق؟

أيها الحبيب:

الداعي إلى صراط الله المستقيم والهادي إلى هذا الصراط هو نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فلقد قال الله -تعالى-:

    (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المؤمنون:73)

    (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الشورى: من الآية52)

وهو الذي قال الله -تعالى- في حقه: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام:161)

ولكن ينبغي أن نستمر على هذه الهداية حتى مفارقة الحياة، لذا قال الله -تعالى- لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر:99)

لا تفارق هذا المقام حتى مفارقة الدنيا.

والله -تعالى- قد أوصانا بذلك عندما نادى الله علينا وعليك بهذا النداء الذي لا يملك الإنسان عند سماعه إلا أن يقول لبيك ربنا وسعديك والخير بين يديك.

قال الله -تعالى- منادياً علينا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102)

ونادى -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً) (النساء:136)

أتراك قد عقلت ما طلب الله منا، فربنا طلب منا أن نكون على طريق الهداية والاستقامة حتى آخر نفس من أنفاسنا، فلا نفارق الدنيا إلا على هذه الكلمة التي لا تفتح الجنة إلا بها، وهو قول: لا إله إلا الله.

ولكن نقول لك أيها الحبيب:

    هل أنت استقمت أولاً لكي تحافظ على هذه الاستقامة أم أنك أخطأت طريق الاستقامة؟

أتعلم ما هي المقومات التي تؤهل الإنسان أن يستقيم على أمر ربه، استمع إلى قول ربك: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (البقرة:177)

فصدق في إيمانه وصدق في عباداته، وصدق في العمل، وصدق في تصرفاته وسلوكياته، فتأهل بذلك أن يسير في طريق ربه المستقيم.

أيها الحبيب:

    أتدري ما هي الأدوات والوسائل المعينة لسير الإنسان على طريق ربه المستقيم، والاستدامة على ذلك، هو كما قال ربك: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (هود:113)

ابحث عن الرفيق الصحبة التي تقطع معها الطريق؛ فالإنسان يحتاج إلى رفيق يصاحبه في هذا الطريق، فحذر الله من رفقاء السوء، أو هؤلاء الذين غفلوا عن ذكر ربهم وعن طاعته، فإياك وإياهم!

وكذا من أعظم هذه الأدوات هو توطيد العلاقة التي بينك وبين ربك خاصة عن طريق الصلاة  فهي من أعظم الحسنات الماحية (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) (هود:114)

وفوق ذلك توطين النفس على تحمل المشاق، والتحلي بخلق الصبر مع يقينك أن ربك لا يضيع أجر المحسنين (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (هود:115)

أيها الحبيب:

    فهل فهمت ما المطلوب؟ فلتشمر ساعد الجد والاجتهاد والعمل فقد أزفة الآزفة، وآن وقت الرحيل.

فلنسارع من قبل أن يغلق الباب دوننا.