الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 18 أبريل 2010 - 4 جمادى الأولى 1431هـ

حول الغلو في أمر الجن ونسبة الأضرار والأمراض العضوية إليهم

السؤال:

بعض الرقاة والمعالجين يتعاملون مع القرين كمرض يصيب الإنسان، وهم يرون من ناحية عملية أن أذاه قد يتعدى الوسوسة إلى أمور عضوية من صرع ونطق على لسان المصاب وغير ذلك، مستدلين بحديث ركضة الشيطان للمرأة، وحديث نخس المولود حتى يستهل صارخًا، مما أحدث جدلاً وإنكارًا من قِبَل البعض الآخر على أن القرين لا يتعدى أذاه الوسوسة... فهل هناك مانع شرعي أو عقلي من تعدي القرين أذاه عن الوسوسة إلى إحداث أمور عضوية؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فصرع الجن للإنس -سواء أكان القرين أو غيره- ثابت بالشرع؛ قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) (البقرة:275)، وحديثا نخس المولود والاستحاضة دليلان على إمكان زيادة الأذى عن الوسوسة، لكن من جنس الأمور المعتادة، ولا يلزم منها الصرع والمس، ولا دليل على أن نخس المولود وركضة الشيطان هي من القرين أو غيره؛ فهذا محتمل ممكن يلزم التوقف فيه فلا يُثبت ولا يُنفى بلا دليل، ولكن المبالغة في هذا الباب ونسبة كل الأمراض للجن هو من حال أهل الجاهلية كما ذكره ابن حجر -رحمه الله- في شرح حديث إبراهيم وسارة -عليهما السلام- مع "جبار مصر" الذي قال عن سارة: "إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ" (متفق عليه).

وتعظيم أمر الجن ونسبة معظم الأفعال والأضرار والأمراض إليهم هو مِن هذا الغلو الجاهلي الذي يبطله قوله -تعالى-: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) (النساء:76)، ويتأكد هذا المعنى بأن أكثر هؤلاء المعالِجين يَجزمون بأمور من عند أنفسهم بلا دليل شرعي ولا حس؛ إنما هو مجرد الظن والتخمين الذي يدخل في نهي النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ) (متفق عليه).