الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الجمعة 09 يونيو 2006 - 13 جمادى الأولى 1427هـ

باسم الله نبدأ!

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن الدعوة إلى الله -عز وجل- بالنسبة إلى الداعي كالروح بالنسبة إلى الجسد، فيها يجد الإنسان حياته الحقيقية بما يحيي الله قلبه بمعاني الإيمان التي تحصل بالعمل مِن أجل الإسلام، وبها يتعمق في الوجدان هدف المسلم مِن الحياة؛ ألا وهو تحقيق قول الله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنس إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56).

وهي خط الدفاع الأول عن الالتزام: فبالعمل مِن أجل الإسلام يتعزز الالتزام والعمل بالإسلام في حياة المرء، وييأس الشيطان عن صرفه عن الإيمان؛ لأنه قد أصبح له هدف سام، وهمة عالية في جذب الآخرين إلى الالتزام بالدين، فيصبح همُّ الشيطان في صرفه عن هذه الغاية وهذه الهمة.

والمسلم حين يدعو إلى الله -عز وجل- لا ينبغي أن ينظر إلى نتائج دعوته كمقياس لنجاحه وفوزه عند الله، بل ربما لا يستجيب له أحد وهو عند الله مِن السابقين؛ لأنه حقق ما وجب عليه وشرع له مِن هذه العبودية الخاصة التي اجتبى الله لها أولياءه بعد أنبيائه، وفي الحديث الصحيح قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِىُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ) (متفق عليه)، فنحن ندعو إلى الله حفاظًا على أنفسنا بالقيام بطاعة الله -عز وجل-.

ووسائل الدعوة إلى الله تتعدد وتتنوع باختلاف الأزمنة والأمكنة، ولقد يسَّر الله -عز وجل- في زماننا أنواعًا مختلفة مِن أنواع الاتصال بالناس وتوصيل العلم لهم، وإن كان لها مِن السلبيات الكثير، تتمثل غالبًا في توصيل الحرام ونشر الفساد، وترويج الشبهات والشهوات؛ إلا أن استعمال هذه الوسائل في الدعوة إلى الحق وتعليم الناس دينهم أصبح ضروريًّا في واقعنا المعاصر؛ إذ لا ينبغي للمسلم أن يغفل أو يترك أي وسيلة يستطيع بها توصيل دعوته إلى العالم.

ومِن هذه الوسائل المعاصرة الحاسب الآلي والشبكة العنكبوتية للمعلومات -الكمبيوتر والإنترنت ورغم تعدد المواقع الإسلامية على هذه الشبكة بإيجابياتها وسلبياتها، إلا أن وجود موقع نعبِّر فيه عن دعوتنا الوسطية، دعوة أهل السُّنة والجماعة، دعوة الإسلام الصافية النقية، ونوصل فيه إلى إخواننا منهجنا؛ نصرةً للدين وبيانًا للحق، أعظم بكثير مِن السلبيات المحتملة.

كذلك نرغب في تحسين لغة الحوار بيْن المسلمين وبعضهم، وبينهم وبين غيرهم؛ امتثالاً لقول الله -تعالى-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل:125) وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِى عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِى عَلَى مَا سِوَاهُ) (روه البخاري ومسلم)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِى شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ) (رواه مسلم)، خصوصًا مع تدهور لغة الحوار في عصرنا؛ فأصبح العنف هو السمة البارزة في تصرفات أكثر أهل زماننا، وأصبح زعم الرفق واللين غطاءً؛ لتمييع الحق وتضييعه، وللتسوية بيْن الحق والباطل!

فكان هذا الموقع الذي نرجو الله -سبحانه- أن يجعل افتتاحه افتتاحًا للخير، وتغليقًا للشر، ونسأله -عز وجل- أن يرزقنا فيه الإخلاص والصدق والمتابعة للحق، وأن يجعله نورًا لنا ولإخواننا ولغيرنا في الدنيا والآخرة؛ فهو -سبحانه- يهدي لنوره مَن يشاء.

ونريد مِن إخواننا في كل مكان ألا يبخلوا علينا بالنصح الدائم، والمشاركة المستمرة، والمراسلة، أو المشافهة بآرائهم واقتراحاتهم ومعاونتهم؛ فقد أمرنا الله بالتعاون على البر والتقوى.

ونعِدُ -إن شاء الله- أن تجد مناصحتهم ومشاركتهم آذانًا صاغية، وقلوبًا واعية، ورغبة صادقة في شد البنيان والاجتماع على طريقة الجنان.

نسأل الله -تعالى- أن يجعلنا مِن عباده المخلصين.