الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 16 ديسمبر 2021 - 12 جمادى الأولى 1443هـ

شبهات مُفترَاة حول بني أمية (2)

كتبه/ زين العابدين كامل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد ذكرنا في مقالنا السابق: أن البعضَ حاول الطعن في بني أمية، وذلك عن طريق تزوير تاريخهم، وطمس حسناتهم، وطرح بعض الشبهات حول دولتهم.

وقد غض هؤلاء الطرف عن بعض الحقائق التاريخية التي تُظهِر فضائلهم في الجملة: كمسيرة الفتوحات التي وَفَّق الله فيها الأمويين، حتى فتحوا مشارق الأرض ومغاربها، من "كاشغر" على حدود "الصين" في الشرق، إلى "الأندلس" وجنوب "فرنسا" في الغرب، ومِن "بحر قزوين" في الشمال إلى "المحيط الهندي" في الجنوب، هذا فضلًا عن القفزات الهائلة التي حققها الأمويون في مجالات الفكر والعلم والأدب، ونحو ذلك.

ومِن الشبهات التي سلَّطنا الضوء عليها في مقالنا السابق: ادِّعاء أنهم كانوا يتصارعون على السلطة مع بني هاشم طوال تاريخهم، وزعم أن العداوة بينهم وبين بني هاشم قد بلغت ذروتها، وقد رددنا على هذه الشبهة.

ومِن التُّهم التي ألقى بها البعض في مرمى الأمويين: أنهم ناصبوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم العداوة حين بعثته المباركة، ولم يفطن هؤلاء إلى أن أبا لهب الهاشمي عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان أول مَن جهر بعداوة الإسلام لما جهر الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوته، ولم يكتفِ بالمعارضة الصريحة، بل عضدها بالإيذاء الفعلي والقولي! فقد كان أبو لهب في كفره وعناده مثالًا عمليًّا للعداوة، ولكنه لم يكن الهاشمي الوحيد الذي كفر بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وجهد في إيذائه وحربه؛ فقد كان في أسرى المشركين يوم بدر عددٌ مِن بني هاشم.

وعلى الشق الآخر: ترى مَن أسلم في مكة مِن بني هاشم، وبذلوا في سبيل الدعوة الكثير، مثل: علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب، وغيرهم -رضي الله عنهم-.

وهكذا نرى في كلِّ قبيلة وبطن أن هناك مَن آمن، وهناك مَن كفر، وإذا تأملنا أحوال بني أمية في صدر الإسلام؛ فإننا نرى منهم جماعة كانوا من السابقين إلى الإسلام، فمنذ المرحلة السرية للدعوة قد أسلم كلٌّ مِن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، وكذلك خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، وكذا أسلم أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، بل وفي الهجرة الأولى إلى الحبشة شارك نفرٌ من مسلمي بني أمية، ومِن هؤلاء: عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وزوجته سهلة بنت سهيل بن عمرو، كما كان لبني أمية مشاركة في الهجرة الثانية، ومعهم بعض حلفائهم (وقد ذكر الدكتور حمدي شاهين قائمة طويلة بأسمائهم، راجع: (الدولة الأموية المفترى عليها)

وقد ساهمت بعض نساء بني أمية وعبد شمس في حركة مسيرة الإسلام وضربن أروع الأمثلة في الأسوة والتضحية، والبذل والعطاء؛ فقد أسلمت رملة بنت شيبة بن ربيعة زوجة عثمان بن عفان وهاجرت معه إلى المدينة وثبتت معه على دينه.

وبناءً عليه نقول: كان شأن كل القبائل -كما ذكرنا-، منهم مَن آمن ومنهم مَن كفر، فإن كان هناك مَن كفر مِن بني أمية، فكذلك هناك مَن كفر مِن بني هاشم وغيرهم أيضًا؛ فلماذا هذا الجور والظلم والتحامل على بني أمية إذًا؟! 

ونستكمل الحديث عن بني أمية في مقالنا القادم -بمشيئة الله تعالى-.