الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
السبت 30 أكتوبر 2021 - 24 ربيع الأول 1443هـ

مدخل إلى علم السياسة (5) النظام البرلماني

كتبه/ محمود عبد الفتاح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فيتميَّز النظام البرلماني بالتعاون بين السلطات، وإذا كان المعيار الأساسي لتحديد مفهوم النظام البرلماني يتمثَّل في المسؤولية الجماعية للوزراء أمام البرلمان مقابل إمكانية حلِّ البرلمان مِن قِبَل الجهاز التنفيذي، فإن هذا النظام يستلزم توفر العنصرين التاليين:

أولًا: ثنائية الجهاز التنفيذي مع تقلص سلطة رئيس الدولة.

ثانيًا: مسؤولية الحكومة أمام البرلمان مع حقِّ حل الحكومة للبرلمان.

إن هذا النظام الذي عرفته معظم الدول الغربية: (بريطانيا - إسبانيا - بلجيكا)، وقد انتقل إلى عدة دول إفريقية وآسيوية في بداية استقلالها، مثل: (الهند - باكستان - السنغال - … ).

يتم تناول الموضوع من خلال تسليط الضوء على العلاقة بين السلطات:

أولًا: السلطة التنفيذية:

تقوم السلطة التنفيذية في النظام البرلماني على أساس ثنائية الجهاز التنفيذي: "رئيس الدولة، ورئيس الحكومة".

رئيس الدولة: يتسع النظام البرلماني لجميع أشكال الحكم؛ سواء كان النظام ملكية أو جمهورية أو إدارة جماعية، ورغم اختلاف طرق تعيينه؛ فإن رئيس الدولة غير مسؤول سياسيًّا، ففي النظام الملكي يتولَّى الملك الحكم بالوراثة، وليس للبرلمان أي دور في تعيينه، أما في النظام الجمهوري؛ فإن رئيس الدولة يتم انتخابه من الشعب مباشرة أو من البرلمان.

رئيس الحكومة: تعتبر الحكومة، وخاصة رئيسها: الرأس الآخر للجهاز التنفيذي، وينبغي أن تتمتع الحكومة بثقة البرلمان؛ ولذلك لا بد من موافقته على تعيين رئيس الدولة للوزير الأول، ثم اختيار الوزراء من بين النواب.

ورئيس الدولة يعيِّن الوزير الأول فقط، وهذا الأخير هو الذي يختار الوزراء أعضاء الحكومة ويعرضهم على رئيس الدولة.

ثانيًا: السلطة التشريعية:

يمارس البرلمان السلطة التشريعية، وهو يتكون من غرفة واحدة أو غرفتين حسب ظروف كل مجموعة من البلدان، فبعض الدول تعرف وجود غرفة ثانية كنتيجة لتركيبها الفيدرالي؛ إذ تمثِّل الغرفة الأولى المواطنين، وتمثِّل الغرفة الثانية الولايات الأعضاء في الاتحاد، أو لضمان تمثيل نخبة معينة مكونة من الأعيان أو ممثلي الغرف المهنية أو المجالس المحلية، وتكتفي معظم الدول البسيطة باعتماد برلمان من غرفة واحدة.

ثالثًا: العلاقة بين السلطتين:

تقوم العلاقة بين السلطتين في النظام البرلماني على أساسي التعاون، والتوازن.

أولًا: التعاون:

رغم أن الجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي يمارسان مهامهما الرئيسية؛ فإن كلًّا منهما يساهم في بعض وظائف الجهاز الآخر، فالسلطة التنفيذية تساهم في وضع القوانين، وفي بعض الأنظمة تعطَى الأسبقية لمشاريعها، ولرئيس الدولة حق ممارسة سلطة إصدار الأمر بتنفيذ القانون.

أما السلطة التشريعية: فتساهم في أعمال السلطة التنفيذية عن طريق إقرار القانون المالي والتشريعات اللازمة، والمصادقة على المعاهدات؛ إضافة إلى مراقبة العمل الحكومي بوسائل مختلفة: كالأسئلة الكتابية، والشفوية، والاستجوابات، والتحقيقات.

ثانيًا: التوازن:

يتحقق التوازن في النظام البرلماني من وسائل الضغط المتبادلة: (المسؤولية السياسية وحق الحل).

المسؤولية السياسية:

يقصد بهذا المبدأ بصفة عامة: أن الحكومة لا يمكن أن تمارس السلطة إلا بعد الحصول على ثقة البرلمان، وتعتبر المسؤولية السياسية الوسيلة الأساسية لممارسة البرلمان مراقبة حقيقية للعمل الحكومي.

حل البرلمان: يقصد بهذا الإجراء العمل على عرض الخلافات بين السلطتين: التشريعية والتنفيذية على الناخبين. ويعرف الحل بأنه: قرار رئيس الدولة بوضع حدٍّ لممارسة البرلمان لمهامه قبل انقضاء المدة العادية لولايته التشريعية.

إن الدساتير تخوِّل هذا الحق لرئيس الدولة (رئيسًا كان أو ملِكًا) ليمارسه بمقتضى سلطته التقديرية، أو وَفْق شروط دقيقة للحد من فعاليته.

أما بالنسبة للدول التي تَبَنَّت ثنائية المجلس، فإن الحل قد يشمل مجلسي البرلمان، أو قد يقتصر على المجلس الممثل للسكان وحده.