الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 26 يوليه 2006 - 1 رجب 1427هـ

تأملات فى الصراع الشيعى الإسرائيلى (2) خالد الفرس وخالد الترك

تأملات في الصراع الشيعي الإسرائيلي (2) خالد الفرس وخالد الترك

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

لنعد بالذاكرة مائة عام إلى الوراء....

لقد كانت الخلافة العثمانية ما زالت قائمة، وكان السلطان عبد الحميد ـرحمه الله ـ يحاول محاولاته الأخيرة لإنقاذ سفينة الخلافة التي كانت أوشكت على الغرق، ولكن قدر الله وما شاء فعل، لقد جاءت محاولاته متأخرة، وكان النفاق قد دب في نفوس كثير من الشباب الذين فُتِنوا بأفكار الغرب وفلسفته، وسيطروا على شئون الدولة وسموا أنفسهم باسم مستوحى من الثورة الفرنسية "جمعية الاتحاد والترقي" وعزلوا السلطان عبد الحميد، وجعلوا السلاطين بعده رموزاً لا قيمة لها، ولكنهم لقلة خبرتهم لم يستطيعوا إدارة شئون الجيش في الحرب العالمية الأولى وهرب معظمهم خارج تركيا.

ولكن ما زال هناك "رجل في زمن الأنوثة" على حد تعبير بعضهم، وسبحان الله رغم أنه أحد أعضاء "الاتحاد والترقي" إلا أنه يدافع عن "الخلافة" بحرارة، ويتكلم عن مخالفة السلاطين لشرائع الإسلام، ويتباكى على المجد الضائع، ويعد باسترداده، ورغم قلة خبرته العسكرية كرفاقه إلا أنه يحقق الانتصارات وجيوش الأعداء تفر من أمامه، ورجل كهذا لا بد وأن تطرب له أفئدة الشعراء، حتى شبهه شوقي بخالد بن الوليد رضي الله عنه، وبصلاح الدين، بل شبه أيامه بيوم بدر فقال:

الله أكبر كـم فـي الفتـح من عجــب                  يا خالد التــرك جـــدد خـــالد العرب

حذوت حرب الصلاحيين في زمـن                   فيـــه القتــال بلا شــــــرع ولا أدب

يـــوم كبدر فخيل الحــق راقصـــة                   على الصعيد وخيل الله في السحب

تحية أيـــها الغـــازي وتهنـئــــة                     بآيـــــة الفتـــح تبــقى آيـــة الحقب

وبعد أن تمكن مصطفى كمال أتاتورك من مقاليد الحكم لم يعد خالد الترك، بل أصبح شيطانهم الأكبر الذي ألغى الخلافة ثم ألغى شرائع الإسلام كافة، بل وتهكم من القرآن صراحة، وأظهر فسقه ومجونه، وزكى روح الولاء للقومية التركية لتحل محل الولاء للإسلام.

وعاد شوقي يرثى الخلافة ويهجو مسقطها قائلاً:

عادت أغاني العرس رجع نواح                     ونعيـــت بين معــــالم الأفــــراح

كفنت في ليل الزفــــاف بثوبـــه                      ودفنـت عنـــــد تبـــلج الإصبــاح

ضــجــت عليـــك مآذن ومنــابر                      وبكيت عليـــــك ممـــالك ونواح

الهند والـهة ومصــر حزيـنــــة                      تبــــكي عليــــك بمــدمع سحاح

والشام تسأل والعراق وفـارس                      أمــحـا من الأرض الخلافة ماح

يا لـلرجـــال لــحـرة مـــوءودة                       قتـلت بغيـــر جريــرة وجنــــاح

 

وقال هاجياً "عربيد الترك":

بكت الصلاة وتلك فتنة عـــابـــث                    بالشرع عربيد القضاء وقاح

أفتـى خـزعبـــلة وقــال ضلالـــة                     وأتــى بـكفر في البــلاد بواح

ترى هل تجد فرقاً بين مصطفى كمال أتاتورك الذي لقب يوما بـ "خالد الترك" وبين "حسن نصر الله" الذي يراه البعض جديراً بلقب "خالد الفرس"، ولكن ثمة فرق يذكره بعضهم هو أن أتاتورك كان صنيعة الغرب جزماً ولا يصدق هذا على حسن نصر الله، ورغم أن هذا الفرق لا يُسِلم به كثير من الباحثين إلا أنه على فرض التسليم به ليس مؤثراً لاسيما إذا كان تاريخ حسن نصر وتاريخ آبائه، بل وواقع شيوخه وأوليائه في العراق قد بينوا لنا ماذا يفعل الشيعة حينما يتسلطون على أهل السنة.

ويبقى فرق جوهري، وهو أن أتاتورك في أول أمره كان في غاية السرور بلقب "خالد الترك" وبتشبيهه بـ "صلاح الدين"، ولكن يا ترى إذا ما سألنا حسن نصر الله هل يسعده أن نلقبه بخالد الفرس أو نشبهه بصلاح الدين هل سيسعده ذلك؟!

وهذا يقودنا إلى لفتة أخرى، وهو أن بعض الحركات الإسلامية ما زالت تردد هذا الشعار

في القدس قد نطق الحجر                 أنا لا أريد سوى عمر

ثم فوجئنا أنهم يعتبرون حسن نصر الله هو ذلك الـ "عمر" فهل يا ترى يرضى حسن نصر الله بأن يُشَّبه بعمر ـ رضي الله عنه-؟ أم أنه على طريقة أبى لؤلؤة المجوسي الذي يلقبه إمامهم الخميني بـ "بابا شجاع الدين"؟ لا أظن أن التقية يمكن أن تصل إلى حد الثناء على عمر -رضي الله عنه- الذي أباد الله على يديه دولة الفرس، والله لو رضي هو تقية، فلا يمكن أن نرضى نحن أنفةً لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـرضي الله عنه-.

والآن هل سيأتي اليوم الذي نرى هؤلاء الذين يصفون حسن نصر الله بأنه رجل في زمن الأنوثة، وهل يأتي اليوم الذي يقولون فيه:

وتلك فتنــة عابــث بالشــرع عربيد القضاء وقاح

نسأل الله أن يقي الأمة شرورهم قبل أن يأتي ذلك اليوم، اللهم آمين.