الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 13 يناير 2019 - 7 جمادى الأولى 1440هـ

كيف نال صحيحا البخاري ومسلم مكانتيهما عند عموم الأمة؟

"سؤال للعقلاء!"

كتبه/ أيمن الحضري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فسنناقش الإجابة عن السؤال السابق بصيغة المفرد، فما يُجاب به عن أحدهما ينطبق على الآخر.

- يخطئ مَن يظن أن قبول الكتاب وتعظيمه حدث بإيجابٍ مِن حاكمٍ أو سلطانٍ أو حتى مجموعة مِن ذوي الشأن استصدروا قرارًا او ربما عقدوا مجمعًا -كمجامع النصارى المسكونية الشهيرة- ثم قرروا فرض اتباع ذلك الكتاب على أتباعهم، وأن ما فيه صار ملزمًا بقوة القرار الصادر والمصدرين له.

فهذه صورة لا يمكن أن تحدث بحالٍ في أمة دينها قائم على ثوابت، منها: لا عصمة لأحدٍ بعد نبيها -صلى الله عليه وسلم-، ولا تسليم لأمرٍ ولا نهيٍ في دينها إلا بناءً على دليلٍ صحيحٍ ثابتٍ.

أمة أُمرت بإعمال العقل والتفكر الدائم.

أمة تربت على أن غاية حب النبي -صلى الله عليه وسلم- متابعته.

- والصحيح أن ذلك القبول لم يتم إلا بناءً على منهج علمي ثابت، وهو السبر والاختبار والتدقيق، ومِن ثَمَّ القبول أو الرفض.

وبدون الدخول في شرحٍ لذلك المنهج، نقول: إن قبول الصحيحين تم بسبب صمودهما أمام كل محاولات النقد العلمي والتدقيق مِن أهل الحديث وعلمائه على مرِّ العصور مِن لدن تصنيفهما إلى الآن.

فدائمًا لا يخرج إنسان عملًا متقنًا إلا وحاول أقرانه وأترابه وأساتذته وتلاميذه إعمال المنهج النقدي والاستدراك عليه، وتبيين خلله وإكمال نقصه، وهذا ما وقع مع الكتابين الجليلين، ولكن ما خرج مِن ذلك نزر يسير -أبى الله الكمال إلا لكتابه-، ولكنه لا يساوي نسبة تذكر، أو يقلل مِن قيمة العمل بالعكس فقد زاده قيمة وثقة، فلا شك أن العمل بعد نقده ونخله واختباره يصير أكثر مصداقية واعتمادية، بل ما قد يدهشك أن هذا النقد والاستدراك المبني على منهج علمي صحيح لم يمنعه أحد مِن العلماء حتى وقتنا الحاضر، فمرحبًا بكل باحث متخصص يقدِّم دراسة نقدية للصحيح بشروط محددة، وهي:

- أن يكون دارسًا متخصصًا في هذا العلم.

- أن يلتزم المنهج العلمي بضوابطه.

- أن لا يردهما جملة لمجرد أن هواه وميله كذلك.

وأخيرًا: فإن أعتى أعداء الإسلام وشانئيه قد شهدوا لهذه الأمة بثبوت كتابها وسلامته مِن تحريف الأجيال المتعاقبة، وبمنهجية علوم الإسناد والرجال وما حولهما، والتي لا نظير لها في دين ولا تاريخ ولا حضارة، بل حتى نظم التوثيق المعتمدة حديثًا تعتمد كلية على الوسائط الملموسة بأشكالها المختلفة، ولا يمكن بحال أن تصل إلى ما كان عليه مِن ضبط الحفاظ الذين لا يجري على حفظهم فساد ولا هلاك ولا تزوير.

والحمد لله رب العالمين.