الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 13 سبتمبر 2018 - 3 محرم 1440هـ

تأملات في حجة الوداع (8)

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛   

فقد تضَمَّن حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في قصة هاجر وابنها إسماعيل -عليهما السلام- مِن حكم التوحيد والإيمان ما يحيي القلوب؛ فينبغي للساعي بيْن الصفا والمروة أن يستحضرها لينتفع بالسعي؛ كما كان السعي مِن هاجر سببًا لحياتها وحياة ابنها، وتحقيق الغاية مِن الرحلة الطويلة التي سافر بهم إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِن أجلها (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ) (إبراهيم:37)؛ فكان هدف الرحلة -تعمير هذه البقعة المُقَدَّسَة حول بيت الله الحرام قبْل بنائه-: إقامة الصلاة.

فتأمَّل في هذه الدعوة التي غَيَّرَت وجهَ الحياة في العالم كله بارتباطه بهذه البقعة المُقَدَّسة، (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (إبراهيم:37)؛ فالشكر هو الغاية المقصودة، فلم يقل إبراهيم -عليه السلام-: "وارزقهم مِن الثمرات لعلهم يعيشون أو يطعمون أو يشبعون"؛ إنما قال: (لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)، فأحوال القلوب هي الغاية مِن أرزاق الدنيا عند أهل الإيمان.

ولنتأمل في رضى هاجر -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- بالرحلة الطويلة مِن الشام إلى مكة في ظروفٍ لم تتهيأ، وسفر بيْن جبالٍ وقِفار، في وقت كان سكان الأرض مِن البشر نسبة ضئيلة مما هم عليه الآن، فضلًا عن سكان الجزيرة العرب الصحراوية، سافرت مع أبي ولدها في غير وسائل المواصلات المُعَدَّة كالموجودة الآن، ولا أماكن راحة وطعام وشراب وطرق ممهدة، بل الجبال والصحراء على طبيعتها التي خَلَقَها الله، ثم تصل إلى مكانٍ موحشٍ لا أنيس فيه ولا أحد.

وتأمَّل بدايتها بالأنيس -وهي مصرية تحب الأُنس- وقالت لإبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟!) (رواه البخاري).

ولما كان الاستفهام استنكاريًّا لا يليق مثله بالخليل -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ لأنه يتضمن تهمة خفية هي بالقطع منتفية عن الحليم الأواه المنيب، الذي يبحث عن نجاة المجرمين ويجادل ربه في محاولة لتأخير العذاب عنهم لعلهم أن يتوبوا، (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ . إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) (هود:74-75)، حتى يأتيه الأمر مِن الله -عَزَّ وَجَلَّ- بأن هؤلاء قوم لا يصلح معهم ما يريد (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) (هود:76)، إذا كان إبراهيم يقول داعيًا لمَن عصاه: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ . رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (إبراهيم:35-36)؛ فكيف تكون رحمته ورأفته وحنانة لولده البكر الوحيد الرضيع الذي رزقه الله إياه على الكبر، استجابة لدعوة قديمة ظل ينتظر إجابتها عشرات السنين مِن حين هاجر وهو شاب فتى مِن بلده إلى الله؟! (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ . رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (الصافات:99-100)؛ فتأخرت الإجابة إلى الكبر.

إنَّ كِبَر السن سببٌ بمجرده لمزيدٍ مِن الحنان والعطف، وصغر الرضيع سبب لمزيد الرأفة والرحمة، والسُرِّية المطيعة -أُمُّ الولد- المرتبطة بإبراهيم أعظم مِن ارتباطها بأبيها وأمها وأهلها ووطنها سببٌ لرحمتها، ثم هي أُمُّ الولد الأول والوحيد وهي في مرحلة الرضاع؛ إن المشاعر الإنسانية العادية تقتضي تضاعف الرحمة؛ فكيف بالخليل الرحيم الأواه الحليم؟!

ومع كل هذا كانت الاستجابة لأمر الله، لتعمير مكة المكرمة ونشأة الحياة فيها لتحقيق العبودية، ليأتي ملايين الملايين مِن البشر عبْر الزمان مِن كل مكان، ومِن كل فَجٍّ عميق إليها؛ ليقيموا الصلاة ويعبدوا الله؛ فيرضى إبراهيم أن يضع وَلَدَه وأُمَّ وَلَدِه ويتركهم، مع جراب تمرٍ وقربة ماء؛ وهذه هي الأسباب الممكنة وهي لا تغني شيئًا في الحقيقة.

وتأمَّل كيف كان ترك إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- الجواب عن سؤال أم إسماعيل -ثلاث مرات- لما كانت الصيغة غير مُناسِبة، بل لم يلتفت إليها حتى تعلمتْ وانتبهت؛ فهناك تعليم بالكلام وهناك تعليم وإنكار بالسكوت والالتفات وتعبير الوجه.

 تربيه عظيمة أيقظت السؤال الواجب في قلب هاجر؛ فقالت بعد انتباهها: (آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟)، فهنا التفت إليها إبراهيم ورَدَّ عليها بـ: (نَعَمْ). فقالت: (إِذًا لاَ يُضَيِّعُنا)، أيّ ثقةٍ هذه مِن إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- في ربه -عَزَّ وَجَلَّ-؟! وأيّ ثقةٍ ورضا مِن هَاجَر -وهي ليست بنبية- في ربها -عَزَّ وَجَلَّ- أنه لا يضيع مَن أطاعه؛ فهل نحقق ذلك في قلوبنا حين نطيع الله -عَزَّ وَجَلَّ- ونحن نرى أضرارًا فيما يبدو للناس مِن الطاعة؟ هل نوقن بأنه لا يضيع مَن أطاعه؟ وهل يظن مؤمن بربه خلاف ذلك؟!

ثم لنتأمل في أخذها بالأسباب في أَكْلِها مِن التمر وشُرْبها مِن الماء حتى نفذ؛ لنعلم أن الأخذ بالأسباب واجب، لكنها تنقطع وتنتهي فلا بد لها مِن نهاية؛ فلا يجوز أن نتعلق بها أو نتوكل عليها، وقد تأخَّرَ الفرجُ حتى عطشت وعطش ابنُها وأشْرَفَ على الهلاك حتى كَرِهَتْ أن تنظر إليه وهو يموت، ثم شَرَعت في أسباب أُخَر في البحث عن غوثٍ لها ولابنها الذي يحتضر عطشًا؛ فكان الصعود على الصفا وهي مجهودة، في ظل شمسٍ شديدة الحر، وطبيعةٍ جبلية صخرية تحيط بها مِن كل مكان، لكن هذا هو المقدور عليه.

حاوِل وأنتَ على الصفا أن تستحضر مدى الافتقار إلى الله الذي كانت عليه هاجر -عليها السلام-، مع الثقة في وعده، واليقين في جوده وكرمه، واجتهِد أن يكون لك نصيب مِن ذلك؛ فإن مِن أَجْلِ صعودها الصفا، وسعيها بيْن الصفا والمروة، سعى الناس بينهما وصار ذلك مِن شعائر الله: (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة:158)، وأحوال القلوب أعظم مِن حركات الأبدان.

ثم تنتظر الفرج وهو يتأخر لمزيدٍ مِن العبودية؛ فانتظار الفرج عبادة؛ تستحضِر في سعيك كلَّ ما تنتظره مِن فرج لك ولأمتك، واعلم أنه قريب، لكنه يتأخر لتعبد الله -عَزَّ وَجَلَّ- بانتظاره، وتأخذ بالأسباب المتاحة، مع كمال التوكل وحسن الظن بالله.

ولم تستطع هاجر أن تسعى سعيًا سريعًا إلا في بطن الوادي -بيْن العلامات الخضراء اليوم-؛ سعت سعي الإنسان المجهود، ليس عندها مزيد طاقة.

ثم تَضَرُّع آخر عند المروة، ونَظَرٌ وبحثٌ عن تحقيق موعود الله الذي لا يضيع أولياءه، حتى تكتمل سبعة أشواط، آخرها عند المروة، فتسمع صوت الملك؛ بداية الفرج: حصول الرجاء في رحمة الله، ثم تُكَلِّم مَن لا تراه: (إِنْ كَانَ عِنْدكَ غَواثٌ فأَغِث).

وفي رواية في غير الصحيح: أن جبريل ظَهَر لها فقال لها: (مَنْ أَنْتِ؟) قَالَتْ: (أَنَا أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ) (أخبار مكة للفاكهي)؛ لم تذكر حتى اسمها، ولم تذكر أباها ولا وطنها ولا أهلها، لم تقل أنا هاجر المصرية بنت فلان؛ لم تذكر إلا ارتباطها بإبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، فنحن والله لا قيمة لنا إلا بقدر ارتباطنا بالأنبياء -عَلَيْهِم السَّلَامُ-، وخاصة خاتمهم محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي أحيا الله به مِلَّة إبراهيم ومِلَّة جميع الأنبياء، المِلَّة الواحدة: الإسلام، فلننسَ أنفسَنا وأهلينا وأموالَنا وأقوامَنا وأوطانَنا، ولنذكر اتباعَنا لمحمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإبراهيم -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلنحاول أن نقول بقلوبنا كل صباح ومساء كما علَّمَنا النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَدِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَمِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِما وَسَلَّمَ- حَنِيفًا مُسْلِمًا، وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).

ثم قال لها جبريل: (إِلَى مَنْ وَكَلَكُمْ إِبْرَاهِيمُ حِينَ ذَهَبَ؟) فقالت: (إِلَى اللهِ). فقال: (وَكَلَكُمَا إِلَى كَافٍ) ) (أخبار مكة للفاكهي). تذكير لها بمَن رضيت به ربًّا تتوكل عليه لا يضيع مَن أطاعه واستجاب لأمره، وهكذا تحصل المنازل العالية بالعبودية والطاعة مع كمال التوكل والاستعانة بالله، وتحصل خيرات الدنيا والآخرة.

ثم يضرب جبريلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- الأرضَ بجناحِه أو بعَقِبِه -والله أعلم- أو بهما؛ فتنبع "زمزم" المباركة، طعام الطعم وشفاء السقم، ماؤها لما شُرِب له، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني)؛ آية مِن آيات الله العجيبة، العظيمة حول بيت الله الحرام.

وتأمَّل أثرَ الحرص الذي كان مِن هَاجَر حين تقول لها: "زمِّي زمِّي" مع أنه كان مبررًا؛ مِن شدة عطشها وخوفها على قطرة الماء، ولكن قدَّر الله بسببه أن لا تكون "زمزم" عينًا معينًا ونهرًا جاريًا.

(رحِم اللَّه أُمَّ إِسماعِيل) دعوة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لها بالرحمة تَعرف بها سعة قلوب الأنبياء وعذرهم للخلق، والنظر إلى الجانب الإيجابي الذي حصل منهم في طاعة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

ثم يأتي التأكيد على إنجازِ الله وعدَه في قول جبريل لهَاجَر: (لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَة، فَإِنَّ هَهُنَا بَيْتًا للَّهِ يَبْنِيهِ هَذَا الْغُلاَمُ وأَبُوهُ، وإِنَّ اللَّه لاَ يُضيِّعُ أَهْلَهُ).

ولنتأمل في وقوف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الصفا يتذكر -فيما يذكر الله به- إنجازَ اللهِ وعدَه وصدقَه عبدَه، يجهر بكلمة التوحيد والتكبير التي نادى بها منذ سنوات يدعو قريشًا إلى الله مِن على جبل الصفا، ويناديهم: (أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّار، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا) (رواه مسلم)؛ امتثالًا لأمر الله: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) (الشعراء:214)، وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، حتى يقول له عمه أبو لهب: (تَبًّا لَكَ أَمَا جَمَعْتَنَا إِلَّا لِهَذَا) (متفق عليه)، وبعد هذه السنوات الطويلة يقف الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حوله أكثر مِن مِائةٍ وأربعينَ ألفًا مِن المسلمين يريدون النجاة مِن النار بالإيمان والتوحيد، واتباعه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

"لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ"؛ تذكر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نعمةَ الله وحَمْدَه وقدرتَه بعد ذكر وحدانيتِه وتكبيرِه وعظمته، وذَكَر نعمتَه بهزيمة الأحزاب.

وذكر هَاهُنا خصيصًا "وحده"؛ ذلك أنه لم تكن أسبابٌ مِن البشر، ولنتذكر ليلة الأحزاب وهو يطلب مِن الصحابة مَن يأتيه بخبر القوم ويكون رفيقه في الجنة فلا يتحرك أحد! ثلاث مرات، حتى يعين حذيفة ليأتيه بخبر القوم الذين تفعل بهم الريحُ ما تفعل، وتفعل بهم جنودُ الله ما تفعل (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) (الأحزاب:9).

لم تكن هزيمة الأحزاب بهِمَّةٍ وعملٍ مِن البشر، تناقَص الناس حول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن شدة الفتن والزلزلة، مِن شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد وشدة الظلمة؛ حتى كانوا في أول الغزوة ثلاثةَ آلافٍ وفي ليلة رحيل الأحزاب ثلاثمِائة، ولم يصنع أحد شيئًا لهزيمة الأحزاب.

"هَزَمَ اللهُ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ": معنى عظيم مِن معاني التوحيد والشكر؛ نقوله نحن ونشهد أنه لولا أن الله هزم الأحزاب وحده لما كنا نحن مسلمين اليوم؛ فاللهم لك الحمد كما تقول وخيرًا مما نقول، لا نحصي ثناءً عليك؛ أنت كما أثنيت على نفسك.

ثم الدعاء في هذا الموطن؛ لأنه مظنَّة الإجابة مع استحضار الافتقار والتضرع والشكر والطاعة والتوحيد والاتباع، فليجتهد الساعي بيْن الصفا والمروة والواقف للدعاء على الصفا والمروة أن يفعل كما فعل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأن يستحضر هذه المعاني العظيمة لعل الله أن يقبل دعاءه.

وللحديث بَقِيَّة -إن شاء الله-.