الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 02 مايو 2018 - 16 شعبان 1439هـ

خطوات لممارسة الإصلاح (4)

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالإصلاح مسؤولية مجتمعية عامة؛ كلٌّ بحسب موقعه ودوره، قال -عز وجل-: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) (هود:117)

2- الأئمة والخطباء والوعاظ والواعظات (1-3):

في هذه المرحلة التي شهدنا فيها هجمة على الكثير مِن المنابر الفضائية الإسلامية السليمة بالإغلاق أو منع بعض العلماء والدعاة مِن الظهور على شاشاتها، والتي كانت بمثابة فتح إسلامي عبْر البث الفضائي لبعض الدول التي استبد بها الطغاة وجففوا فيها منابع التدين والدعوة الربانية، ولم يكتفوا بذلك، بل قاموا بنصب كثيرٍ مِن العمائم و"الكرفتات" المزورة لتشوه الإسلام وتحرف أحكامه، ومِن قبْل ذلك انتهاء سوق الشريط والقرص الإسلامي الذي كان روح الحياة والعلم لملايين المسلمين والمسلمات، في هذه المرحلة تتعاظم مسؤولية الأئمة والخطباء والوعاظ والواعظات في نشر دعوة الحق والإيمان السليم في وجه أصحاب التحريف العلماني والتحريف البدعي والتحريف الإرهابي لمحكمات الدين والإسلام.

ولعل مِن أول خطوات الإصلاح المطلوبة مِن الأئمة والخطباء والوعاظ والواعظات أن يأخذوا مهمتهم ومسؤوليتهم على وجهٍ صحيحٍ واهتمامٍ بالغٍ: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) (مريم:12)، وذلك بإخلاص النية وتجديدها دومًا، والاستزادة مِن العلم والمعرفة باستمرار، وتلمّس حاجة الناس ومتابعة التغيرات فيما تتعرض له مجتمعاتنا مِن موجاتٍ ضخمةٍ مِن الشبهات والشهوات، فيتحصّنون هم أنفسهم مِن شرورها ومِن ثَمَّ يحصّنون الجمهور مِن خبثها وشرورها.

ولما كنا في زمنٍ تقاربتْ فيه المسافات، وزادتْ فيه المنافسات على كسب قلوب وعقول الجمهور، فإن مِن الواجب على المخلصين والصادقين في الحرص على هداية الناس وتوجيه المسلمين ونشر الخير والمحبة، مِن الحرص على صقل مهاراتهم في الخطابة والوعظ والتعليم، وقد أصبح ذلك متيسرًا مع توفر الكتب والدورات التدريبية المتخصصة بهذا، سواء مجانًا أو بمقابل، كما أن العديد مِن الدعاة المؤثرين قد كتبوا تجربتهم ونصائحهم في مجال الدعوة، ولعل مِن أشهر تلك التجارب كتاب د."محمد العريفي": (تجربتي في ربع قرن)؛ فلماذا تبدأ مِن الصفر وأنتَ يمكنك أن تستفيد مِن تجربتهم، وتتجنب الأخطاء فتكون كما قيل: "مَن يقرأ تجارب الآخرين كقزمٍ يجلس على كتف عملاق، لكنه يرى أبعد مما يرى العملاق!".

ومِن أهم المهارات التي يلزم الإمام والخطيب والواعظ والواعظة اكتسابها: القدرة على تحفيز الجمهور على تطبيق ما تعلّمه مِن علمٍ وتوجيهٍ وخُلُقٍ في خاصة نفسه أولًا، ثم إبلاغ مَن خلفه مِن الأهل والأصدقاء والزملاء بما سمع وتعلّم، وبذلك تتكامل عملية الإصلاح في المجتمع وتتوسع دائرة هداية ورحمة الدعوة الربانية (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا) (فصلت:33).

وأقصر طريق لتحفيز المسلمين: إصلاح الباطن، والحرص على هداية الخلق، ورحمتهم ومحبة الخير لهم، وموافقة القول للعمل، والتدرج في إصلاحهم والصبر على عقبات الطريق، (وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر).