الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 08 أغسطس 2017 - 16 ذو القعدة 1438هـ

مجاهدة النفس بكثرة السجود (2)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد ذكرنا في المقال السابق أن مِن أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى ربه -عز وجل-، أداء الصلوات المفروضة والمندوبة في نهاره وليله، وفي هذا المقال نتناول.

فضل الصلاة على العبادات كلها:

تُعد الصلاة أفضل العبادات؛ فالمفروض منها أفضل المفروضات، والمندوب منها أفضل المندوبات، وبأدائها ينسجم العبد مع سائر المخلوقات في الكون، قال الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) (النور:41)، وقال -تعالى-: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) (النحل:49).

والعالم العلوي زاخر بالملائكة الساجدين لله خضوعًا له، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) (الأعراف:206)، والمكثِر مِن الصلاة والسجود متشبه بهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَطَّتِ السَّمَاءُ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).

وأدلة فضل الصلاة في القرآن كثيرة:

فالصلاة أكثر العبادات ذكرًا في القرآن، وما قُرنت الصلاة بفرضٍ مِن الفرائض إلا وقُدِّم ذكرها على هذه الفريضة، ولا توجد عبادة سمَّاها الله -تعالى- في كتابه إيمانًا إلا الصلاة، قال -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) (البقرة:143)، أي: صلاتكم التي صليتموها قبْل تحويل القبلة إلى الكعبة في مكة.

وورد ذكر الصلاة في مفتتح أعمال البر وخواتيمها في سورة (المؤمنون) وسورة (المعارج)؛ تنويهًا بشأنها ومنزلتها.

ومِن الآيات القرآنية في أهمية الصلاة:

قال الله -تعالى-: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) (طه:132).

و قال -تعالى-: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ) (إبراهيم:31).

وقال -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت:45).

وقال -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238)، وقال -تعالى-: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) (النساء:103)، وقال -تعالى-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ . رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ . لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (النور:36-38)، وقال -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى . وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) (الأعلى:14-15)، وغيرها كثير.

وأدلة فضل الصلاة في السُّنة كثيرة:

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصَّلَاةُ بُرْهَانٌ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، وقال: (وَالصَّلَاةُ نُورٌ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، وعن ابن عمر مرفوعًا: (إنّ العَبْدَ إِذا قامَ يُصَلِّي أتَي بِذُنوبِهِ كلِّها فوُضِعَتْ على رأْسِهِ وعاتِقَيْهِ، فَكُلَّما رَكَعَ أوْ سَجَدَ تَساقَطَتْ عنهُ) (رواه الطبراني والبيهقي، وصححه الألباني)، وعن أبي أيوب مرفوعًا: (إِنَّ كُلَّ صَلَاةٍ تَحُطُّ مَا بيْنَ يَدَيْهَا مِنْ خَطِيئَةٍ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).

وجاء في الحديث أن: (الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ) (رواه مسلم)، وصحَّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لما مرَّ على قبرٍ دُفن صاحبه حديثًا: (رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ مِمَّا تَحْقِرُونَ وَتَنْفِلُونَ, يَزِيدُهُمَا هَذَا فِي عَمَلِهِ، أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ) (أخرجه ابن المبارك في الزهد، وصححه الألباني)، وفي الحديث القدسي: (مَنْ صَلَّى الصَلَاةَ لِوَقْتِهَا, وَحَافَظَ عَلَيْهَا وَلَمْ يُضَيِّعْهَا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا؛ فَلَهُ عَلَيَّ عَهْدٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ) (رواه أحمد والطبراني، وقال الألباني: حسن لغيره)، والأحاديث في ذلك كثيرة.