الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 01 يناير 2017 - 3 ربيع الثاني 1438هـ

حكم مخاطبة المصلي وهو في الصلاة للحاجة إلى ذلك، ومسائل أخرى

السؤال:

كنا نصلي في دار التحفيظ وأتت امرأة ونحن نصلي فقالت: المعلِّمة تقول لكُن: صلين الفريضة فقط! وكنا جميعًا في الصلاة، ولكن كنا منفردات، وبعدها تكرر الأمر مِن واحدة لأخرى حتى قالت واحدة لي وأنا أصلي: اذهبي يمينًا قليلاً حتى  أستطيع الصلاة، ومدت يدها لتضع نظارتها أمامي وأنا أصلي.

ولي عدة أسئلة تتعلق بهذا الموقف لو سمحت يا شيخ:

1- قلتُ لهذه الأخت كيف تأتين وتتكلمين معي وأنا أصلي؟! فأنا أستقبح هذا الأمر. فقالت: هاتي لي دليلاً على المنع، أنتِ متشددة.

2- قلتُ لها: كيف تضعين النظارة أمامي، ومن الممكن أن تصلي بها أو مِن خلفي، والله ينصب وجهه لوجه عبده وهو يصلي، ولقد قمتي بتمرير يدك مِن أمامي وأنا أصلي. فقالت: لا تبطل الصلاة بهذا.

3- قلت لها: إن مرور الصبي بين يدي المصلي ينقص الأجر. فقالت: ما الدليل؟ قلت: مدافعة النبي لحيوان كان يريد المرور وهو يصلي. قالت: ما الدليل على أنه ينقص الأجر؟

4- هل يجوز التحرك إلى اليمين أو إلى اليسار في الصلاة حتى يسع المكان لأخت أخرى تصلي إلى جانبي؟

5- المحفـِّظة تبدأ شرح قبْل الظهر مباشرة وتستمر إلى بعد الثانية ظهرًا، وقلنا لها: نصلي الظهر أولاً. فقالت: الظهر لن يطير، هو يمتد إلى الثالثة، وهذا ليس موقفًا عرضيًا، إنما نظامها هو أن وقت الراحة يكون في الثانية والنصف، وهي تجمع الصلاة؛ لأنها تكون على سفر. فما الحكم في المسائل السابقة؟ وأعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فالكلام مع المصلي للحاجة أو الضرورة جائز؛ ففي حديث الكسوف أن أسماء -رضي الله عنها- قالت: "أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، قُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلانِي الغَشْيُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي المَاءَ... " (متفق عليه)

2- وضع النظارة وتمرير اليد لا يبطل الصلاة، لكن لا ينبغي لغير المصلي أن يشغل المصلي بذلك ويقطع خشوعه، ولو كان بعمل لا يبطل الصلاة.

3- أمْرُ النبي -صلى الله عليه وسلم- المصلي بدفع المار بين يديه ما استطاع كما في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ) (متفق عليه)، دليل على أن هذا أكمل لأجر المصلي؛ لأنه يمتثل أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولو لم يفعل لكان مخالفًا لأمره فينقص أجره، وفي رواية: (فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ) (رواه مسلم)، فهذا دليل على نقص الأجر لمرور الشيطان، بل البعض ممن يقول بوجوب السترة يقول إنه دليل على البطلان، لكنه ضعيف، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "هَبَطْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ -يَعْنِي فَصَلَّى إِلَى جِدَارٍ- فَاتَّخَذَهُ قِبْلَةً وَنَحْنُ خَلْفَهُ، فَجَاءَتْ بَهْمَةٌ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا زَالَ يُدَارِئُهَا حَتَّى لَصَقَ بَطْنَهُ بِالْجِدَارِ، وَمَرَّتْ مِنْ وَرَائِهِ" (رواه أبو داود، وقال الألباني: حسن صحيح)، فهنا النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل البهيمة تمر مِن ورائه، وتحرَّك في الصلاة حتى التصق بالجدار، وهذا دليل واضح على أن مرور شيء بين يدي المصلي ينقص الثواب؛ إذ لو لم يكن كذلك لما تحرَّك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة وقد أُمر بالقيام (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238).

4- نعم يجوز؛ لأن المسجد لجميع المسلمين والمسلمات.

5- الصلاة أول الوقت أفضل، ويجوز التأخير في الظهر إلى قبْل العصر بلا كراهة.